4/04/2012

ملتقى المدونين المغاربة بالصويرة بعيون كتيب كتبان إفريقيا



لم أتردد لحظة في الإلتحاق بمدينة الصويرة لحضور الملتقى الثاني للمدونين المغاربة ، عقدت العزم و شددت الرحال بادئا إلى مدينة القنيطرة قادما إليها من مدينة طنجة تبادرت حينها إلي ذهني عديد التساؤلات كنت في شوق ليوم السبت الموعود أمضيت ليلتي الأولى في مدينة القنيطرة ، و في صباح الجمعة إنطلقت صوب مدينة البيضاء لقضاء بعض الأغراض الشخصية ، بعدها وجدت نفسي في محطة أولاد زيان  بحثث عن أول حافلة  متجهة للصويرة فحصلت على مقعد في حافلة اليمامة على الساعة 00:00  فكانت بالفعل ساعة الصفر في الطريق إلى الملتقى

صعدت الحافلة فجلست محشورا في مكان ضيق حاولت النوم حتى أستعد للغذ دامت الرحلة حوالي الخمس ساعات ونصف وجدت نفسي بعدها في محطة الصويرة ، إنتابني إحساس جميل ممزوج بين السعادة و الدهشة مع قليل من الحزن كان سببه أنه علي لزاما العودة في نهاية اليوم ذاته صوب البيضاء ليلا ، قررت نسيان الأمر مؤقتا والإستمتاع بنهاري الذي كان قد بدأ تجولت قليلا في المحطة لأقرر ماذا سأفعل قررت أن أحجز مكان لأستريح فيه قليلا و كذلك لأغير ملابس العمل التي كنت ما أزال أرتديها خصوصا الحذاء المدرع الذي أرهقني ، تحسست وجهي فأيقنت أنه على حلاقة ذقني أيضا فاشتريت شفرة حلاقة صفراء هي التي وجدت ، قابلت سمسارا إتفقت معه على إكتراء شقة على أساس أن أمضي فيها الصبيحة و أغادر بعدها ليلا توجهنا إلى المنزل المعلوم ، إستسلمت بعدها للنوم لأسترجع بعض النشاط الضائع ، إستيقظت غيرت ملابسي خرجت و أول مافكرت به محاولة تذكر طريق الرجعة بحثت عن علامات مميزة فوجدت بعضها و بعد أن إستجمعت ما يكفي من الصور إستقليت سيارة أجرة في إتجاه باب السبع ، فوجدت في انتظاري المدونة الأطلسية ، إتجهنا صوب فضاء دار الصويري فلما دلفنا وجدت مجموعة من المدونين إنضممت إليهم فجلست بجوار فتاة لم تكن سوى المدونة الشهيرة مغربية ، فرحت بالأجواء فعالم المدونين عالم جميل بأشخاصه و إهتماماته فكانت أول فكرة طرحت للنقاش ، التدوين ما بين اللغة العربية كمكون للهوية المغربية و اللغات الأجنبية خصوصا الفرنسية ، كان نقاشا بناأ على كل حال خصوصا أنه كان هناك مدنون بكلتا اللغتين إتجهنا بعدها لتناول إفطار تقليدي على شرف الصويرة بين أحضان المدينة العتيقة ، كأس من الشاي مع مخمرة تعوم في زبدة و عسل ما أحلاه إفطار رفقة المدونين المغاربة .
بعد إنتهائنا عدنا إلى دار الصويري ، فضاء تاريخي يفوح منه عبق جمال مدينة الصويرة و يعطي إنطباعا على اللمسة الفنية للمدينة ، بناية من طابقين ببهو فسيح يعلوه سقف زجاجي على شكل قبه تتيح إنارة ربانية ، رياض جميل به مكتبة و قاعة للمطالعة معرض للصور و اللوحات الفنية ، في طريقك إلى الطابق الثاني عبر الدرج ملصقات لمهرجان ڭناوة الشهير بمختلف دوراته تزين الجدران ، ما أثار إنتباهي مجسم لمدينة القدس إقتربت منه فإلتقطت له صورة تذكارية مدينة القدس مهد الحضارات بأبوابها الشهيرة خصوصا باب المغاربة .
كانت الصبيحة مفتوحة للتعارف و تبادل الآراء تعرفت على بعض المدونين من جميع المدن مراكش أڭادير الصويرة طنجة تيفلت وزان مكناس ...
تناولنا وجبة الغذاء في أجواء حميمية ، و بعد الإنتهاء عاودنا الإلتحاق ببهو دار الصويري إيذانا ببدء الملتقى  الثاني للمدونين المغاربة تحت شعار : " التدوين المغربي دعامة لبناء المغرب الجديد "
الحلقة الأولى كانت محاضرة حول التدوين المغربي واقعه و آفاقه ، فطرحت أرضية خصبة للنقاش ساهمت في تبادل الآراء و إثراء المكتسبات ، تطرق المدونون لعدة نقاط من أهمها هل من الضروري خلق إطار جمعوي يجمع المدونين ، إشكالية التدوين باللغات الأجنبية ، البعد التقني و الجمالي في المدونات المغربية و غيرها الكثير ، كل أدلى بدوله في جو من الإحترام و التواصل البناء الذي و إن دل إنما يدل على رقي الحضور فكريا و أخلاقيا.
بعدها كان لا بد من كأس شاي معلنا إنتهاء الفقرة الأولى و الإستعداد لما يلي من نشاطات ، كان التالي فيها تقديم لمشروع ويكيليكس العربي حول تحويل محتوى المكتبة الوطنية إلى العالم الرقمي ، مشروع طموح تمنينا له جميعا التوفيق.
ديوان هو أول موقع جامع و شامل مشروع طموح لجمع المدونين المغاربة قاطبة لتبادل إنتاجاتهم و التعريف بهم و كذلك إنشاء قاعدة بيانات مشتركة تتيح و تسهل التعريف بحيث يمكن لكل مدون إنشاء حساب خاص به يتيح له نشر تدويناته و يمكن الاعضاء و الزوار من التفاعل معها كل هذا من اجل الدفع بقاطرة التدوين المغربي إلى الأمام .
تم التطرق بعدها إلى إنشاء مسابقة للمدونات المغربية على حسب إهتماماتها و تصنيفاتها تشجيعا للمزيد من العطاء و الإبداع  وتحفيزا لروح المنافسة .
كان الليل بدأ يرخي سدوله ظننت أن برنامج اليوم قد إنتهى أو شارف على الإنتهاء توجهنا إلي المدينة القديمة أو ما يصطلح عليه بسوق عكاظ لإقتناء مجموعة من القصص لأطفال إحدى دور الأيتام بالصويرة أثار إنتباهي السوق بدكاكينه الكثيرة الصغيرة  تحتوي على نفائس الكتب ، لمحت أيضا مجموعات قصصية طبعت طفولتنا الغابرة عطية الأبراشي المكتبة الخضراء و مجلة ماجد ، الحنين لأيام الصبا كان إحساسا جارفا حينها ، إحساس إجتاح كل المدونين ظهر في أعينهم و دردشاتهم إقتنينا ما تيسر من الكتب ثم إنطلقنا صوب الوجهة المعلومة دار الصفاء الصويرة.
في طريقنا مررنا بمحاذاة شاطئ الصويرة ، رائحة البحرو تلك النسمات التي كانت تهب علينا أنستنا تعب اليوم بطوله ، و جددت فينا النشاط و الحيوية مشينا بين دروب الصويرة المدينة الجميلة و الهادئة حتى وصلنا إلى دار الأيتام وجدنا المؤطرين في إستقبالنا رحبوا بنا تناولنا العشاء رفقة أطفال الدار تقاسمنا معهم تلك اللحظات الجميلة حقا ، ضحكاتهم بريئة و طفولية ، كان الفضاء جميلا بناية مرتبة بعناية من عدة طوابق تشتغل بفضل مجهودات جمعوية ، و بعد إلقاء الكلمة من طرف مديرة الدار تناولنا وجبة العشاء برفقة نزلاء الدار كانت فعلا لحظات  فياضة بالمشاعر الإنسانية.
و بعد الإنتهاء ظننت أن اليوم قد إنتهى و أنه حان  وقت الرحيل خصوصا وأني كنت عاقدا العزم على شد الرحال ليلا نحو البيضاء ، الساعة تشير إلى التاسعة ليلا و بضع دقائق خرجنا من مقر الجمعية ظننت أن الثالثة ثابثة و أن برنامج اليوم قد إنتهى فعلا رفعت رأسي وجدت المقهى الأدبي للصويرة لم أعر إهتماما كبيرا لأنني ألقيت نظرة إلى الداخل وجدت أناسا يشاهدون مقابلة في كرة القدم رغم وجود مجموعة من الكتب على أحد الرفوف ، فجأة حركة كثيفة داخل المقهى إختفت بعدها المقابلة الكل دخل وأخذ مكانه للمشاركة في أمسية شعرية بالمقهى الأدبي للصويرة .
قصائد عمودية و حرة في مدح الحبيب المصطفى عليه أزكى الصلوات وأخرى عن الأحاسيس الإنسانية النبيلة قراء ات رجالية و أخرى نسائية نالت إعجاب الحضور ، كنت حينها سعيدا جدا رغم أن الوقت بدأ يدركني لقد إقترب موعد الرحيل. 
إختتمت الأمسية بأحسن ما يمكن قصيدة الفياشة قامت بإنشادها  إحدى الفرق الصويرية المحلية أجواء روحانية تأخدك بعيدا ، الوقت يمضي سريعا هكذا هي اللحظات الجميلة دائما.
إنتهى اليوم الأول من الملتقى إنصرف الجميع للإلتحاق بمنازل أعدت لإستقبال المدونين ليمضوا الليلة فيها ، كنت ما زلت أجزم برحيلي رغم أن الليل قد إنتصف.
وفي لحظة معينة قررت إقتنعت أنه لا مفر لي من البقاء و إمضاء الليلة بالصويرة لتمضية يوم الأحد برفقة المدونين ، اجريت إتصالا بالسمسار أخبرته أني غيرت رأيي و سأبيت في المنزل ، ودعت الجميع على أمل لقياهم عذا في نفس المكان و في بفس التوقيت.
حل الصباح بعد ليلة طويلة لأنني إسترجعت فيها كل أحداث اليوم الكثيرة التي مرت علي و قصيرة لأني إستيقظت و بي شوق لسويعات أخرى من النوم ، هذه المرة لملمت أغراضي حملت حقيبتي سلمت على الحاجة صاحبة المنزل ودعتني بإبتسامة و دعوة ، إنطلقت صوب باب السبع تذكرت أني لم أتناول الشكلاطة طوال البارحة و أنا الذي أدمنتها منذ أن إلتحقت بطنجة ، الساعة حوالي التاسعة صباحا بحثث كثيرا عن بقال فالكل مازالوا نياما ربما هذا هو يوم الأحد في مدينة الصويرة ، وبعد بحث ليس بالطويل وجدت بقالا فاتحا طلبت منه أن يعطيني ماروخا فأعطاني نوعا أخر كالشمع ليس له من الشكلاطه سوى اللون تناولتها على مضض و إستقليت سيارة الأجرة.
دلفت هذه المرة عرفت طريقي اليوم الثاني من الملتقى شاركت في الورشة الأدبية حول موضوع الشعر ما بين القديم و الحديث و إشكاليات القصة القصيرة و الرواية ، نقاشات أنعشت ذاكرتي تعرفت من خلالها على مجموعة من الأشخاص المميزين منهم الشعراء و الزجالون  كذلك القصإصون كل حسب ميوله ، بجوارنا كانت تنشط الورشه التقنية و كذلك الورشة الصحفية مرت الصبيحة على أحسن ما يرام، بدأت أشعر ببعض الحزن فلم يعد لي هامش كبير للمناورة إنزويت لبعض الوقت وحيدا أفكر في المستقبل تمنيت لو كان بإمكاني أن أترك كل شيئ وراء ظهري وأنطلق بعيدا بحثا عن قليل من الحرية مللت من ظغوطات الحياة اليومية ضجرت من العمل في وحدات الإنتاج لم أكن أدري أني إقتربت من أصبح إنسانا آليا ، فأنا دوما علي عجلة من أمري آكل بسرعة أصلي بسرعة أفعل كل شيئ بسرعة فالوقت هو عدوي اللذوذ دائما أسابقه و يسابقني وغالبا ما أنتصر عليه في اللحظات الأخيرة وأحيانا أخرى أستسلم عن طيب خاطر كما كان الحال بالأمس  حين قررت البقاء و عدم الرحيل.
تمنيت أن يدعني وشأني أحيى كما الأيام الخوالي حين كنت أنا و الزمن صديقين نستمتع مع بعضنا.
عدت إلى دار الصويري وجدت المدونين يهمون بتكريم بعض الشخصيات الوازنة التي تركت بصمتها في عالم التدوين المغربي و بعد صياغة البيان الختامي إستعد الجميع لتناول وجبة العذاء في أحد مطاعم الصويرة العتيقة الديكورات تقليدية تحيلك على الأجواء المحيطة  موسيقى أندلسية تلتها موسيقى الجاز تناولنا وجبة سمك دردشت قليلا فأنا عادة لا أستطيع تمييز هل أنا شخص إنطوائي أم العكس هو الصحيح.
حرارة المكان ظاهرة ، حرارة مصدرها دفئ العلاقات بين المدونين القديمة منها و الحديثة.
في كل هذا الخضم تذكرث خصمي الأزلي فهذه المرة لا مجال للإستسلام عقدت العزم و إنطلقت صوب محطة السوبراتور جرت الأمور بسلاسة بعد أن حدث أحد المنظمين المحطة هاتفيا حتى يوفروا لي مكانا في الحافلة فلولاه لأخبروني أن الحافلة قد إمتلئت.
ودعت ما إستطعت و في طريقي كنت فرحا ، ودعت مدينة الصويرة صعدت الحافلة ثم إنطلقنا بدأت الأمطار تتهاطل في الطريق الجو جميل أما السائق فكانت له أذن موسيقية أمتعنا بأغاني طربية هونت علي صعوبة الفراق ، كان يدندن مع كل أغنية كان يحفظ جلهم عن ظهر قلب تمنيت لو كنت سائق حافلة فأنا أحب السفر و التجوال غبطته كثيرا .
من حسن حظي أن شاركني الرحلة مدونتان مراكشيتان تعرفت عليهما أثناء الرحلة ، الأخت الكبرى كانت قد إعتزلت التدوين تاركة المشعل للصغرى التي لم تذخر جهدا في إكمال المسير ، لم أشعر بالوقت حتى حان موعد الفراق مرة أخرى ودعتهما ، على أمل اللقاء قريبا.
محطة الدارالبيضاء مسافرين ، وقفت بضع دقائق لأشم هوائها الملوث فرغم كل ذلك إشتقت إليه ، البيضاء ذلك الغول الإسمنتي الكبير ، حددت وجهتي صوب محطة الحافلات الستيام فلقد كنت حجزت تذكرتي مسبقا من مدينة مراكش تفاديا لأي طارئ، وصلت إلى المحطة المعلومة التي كانت في يوم من الأيام ثمثل جل علاقتي بهذه المدينة حين كنت أشق الصحاري منطلقا منها جلست أسترجع بعض اللحظات في إنتظار موعد إنطلاق الحافلة.
إنه منتصف جلست في مكاني كنت أعاني من صداع نصفي تحملته على مضض فأنا لا أحب الشكوى كثيرا ، إنطلقنا فمررنا بالقرب من مقر عملي القديم تذكرت سنيني التي مرت بسرعة هناك ...
سلطان النوم يهزمني إنني أنام.
إستيقظت فوجدت نفسي في محطة طنجة لقد عدت إنها الخامسة صباحا جلست تناولت إفطاري بسرعة لم أرتح كثيرا هناك فنصف الكلام لا أميزه يخيل إلي كأنني جالس وسط سرب من العصافير حملت أمتعتي من جديد صوب مقهى آخر ، لبست حذاء العمل إنه يوم الإثنين بداية الأسبوع الجديد.
في الختام لا يسعني سوى أن أقدم أحر التحيات و أطيب المتمنيات إلى سكان مدينة الصويرة خصوصا الأستاذه ليلى مهيدرة و جمعية الصويرة من أجل الكفائات على المجهودات الجبارة وحسن الضيافة و حفاوة الإستقبال.
إلى اللقاء في الملتقى  القادم و كل عام و أنتم مدونون.

هناك 6 تعليقات:

  1. أسعدني حقا التعرف عليك في الصويرة يا كتيب الكتبان :)
    كانا يومين من الأحلام :)
    رائعين حقا

    ردحذف
    الردود
    1. وأنا أيضا كنت جد سعيد برفقتكم تحياتي

      حذف
  2. أخي الطيب الهادئ وكأني عشت معك تلك اللحظات التي خفيت عني.
    سعدت بلقائك.

    ردحذف
    الردود
    1. الشكر لك يا طيب فعلا كانت لحظات جميلة و رائعة

      حذف
  3. أغبطكم :)ليتني كنتُ معكم.


    شكراً أن نقلت لنا الصورة أخي

    ردحذف
  4. العفو يا أختاه الأكيد أنك كنت حاضرة معنا بوجدانك سعدت بمرورك

    ردحذف

Comments System

Disqus Shortname