قبل الخوض في موضوع الويب المغربي
بكافة تجلياته و فروعه وجب أولا الحديث عن السياق التاريخي لنشأة ما يمكن تسميته
بالمجتمع الرقمي المغربي.
توطئة:
بشكل بسيط و دون الخوض في التفاصيل,
يمكننا القول ها هنا أن هاته النشأة عرفت ثلاث مراحل فاصلة في تطوره ؛ مرحلة ما
قبل الفايس بوك ,مرحلة ما قبل
العشرين فبراير, ثم مرحلة ما بعد العشرين منه .
ما قبل الفيسبوك :
حين اكتشف المغاربة الشبكة العنكبوتية
في مطلع القرن الواحد و العشرين, أي قبل أكثر من أربعة عشر سنة و نيف,
نتحدث هاهنا عن العامة من الشباب المغربي آنذاك من المتصلين بالشبكة العنكبوتية و
لو بشكل غير دوري, بحيث هناك من كان سباقا لخوض غمار هاته التجربة قبل هاته المدة
الزمنية ، كانت البداية متعثرة نظرا لضعف وسائل الربط اللوجيستي مما كان يحد
من ولوجية أغلب المتصلين,
بحيث اكتفوا بولوج غرف الدردشة و المواقع المتاحة آنذاك و التي كانت بالنسبة إليهم
عينا على العالم الآخر الذي كانوا يعرفونه عبر التلفاز .
مع مرور الوقت اكتشف المغاربة كغيرهم
أفاقا جديدة في عالم الإنترنت ,تجلت
حينها في إقتحاهم لعالم المنتديات من جهة و من جهة أخرى تعاطيهم للتدوين بعد توفر
مسطبات مجانية تتيح لهم ذلك باللغتين العربية و الفرنسية ، هذا التوجه كان هو
النواة الأولى لتشكل المجتمع الرقمي المغربي، ظهر إثره مجموعة من المدونين النشطين
و اللذين بدأوا بدورهم في سبر أغوار هذا العالم اللامنتهي, فتوطدت العلاقات فيما بينهم عن بعد تارة و عن
قرب تارة أخرى ، دون نسيان الفئة التي خاضت تجربة المنتديات و التي شقت طريقها في
التدوين التقني الخاص بالشبكة العنكبوتية .
استمرت بعدها هاته الظاهرة بالتوسع
حتى وصلت إلى مرحلة النضج, فتمخضت عنها إفرازات على أرض الواقع خصوصا حين
بدأ الصدام بين العالم الرقمي و العالم الحقيقي بفضل مساحة حرية التعبير المتاحة و أيضا السرعة في التواصل و مشاركة المعلومة،
هذا الصراع لم يكن حينها بالحدة التي نشهدها اليوم, لكن كانت تلك بداية مرحلة جديدة في حياة
المجتمع الرقمي المغربي.
ما قبل العشرين فبراير :
مع مرور الوقت خرج من رحم الشبكة
العنكبوتية مولود جديد سيؤرخ لمرحلة أخرى أكثر تطورا و تعقيدا بفضل التفاعلية التي
أتاحها ألا و هو مسطبة الفيس بوك و التي قدمت نفسها كشبكة اجتماعية ثورية في عالم الإنترنت.
كالعادة انطلق المغاربة لاكتشاف كل ما هو جديد و فريد في هذا العالم
فأخذوا في الانضمام و إنشاء حسابات على الفيس بوك إقتصرت في البدء على ربط علاقات
تواصل ثابتة مع الدائرة الأولى المكونة من الأصدقاء و العائلة و التي كانت تتيح
آنذاك قدرا من المشاركة و التفاعلية محدودا مقارنة مع ما هو متوفر في زمننا اليوم
.
فبدأت بشكل تلقائي و سلس هجرة من
المدونات و المنتديات نحو هذا الوافد الجديد و الذي في غضون سنين قليلة تمكن من
إحتواء كافة مكونات الويب المغربي مؤسسا لظهور المجتمع الرقمي المغربي أو ما يسمى
الويبوما .
الويبوما و التي ظهر فيها تيار
إحترافي إتخد علم الشبكة العنكبوتية مجالا للعمل و التطوير و ساهم بشكل أو بآخر في
إضفاء صبغة هوياتية على هاته المنظومة الجديدة ؛ إستمر كل هذا الزخم في التواصل و
التشاركية حتى الوصل إلى اللحظة الفاصلة و التي قلبت الويب المغربي رأسا على عقب
ألا و هي عشرين فبراير تاريخ تبلور فكرة إمكانية تنزيل الثورة الرقمية إلي أرض
الواقع.
ما بعد العشرين فبراير :
حركة عشرين فبراير و التي يمكن
اعتبارها امتدادا للربيع العربي في المغرب، و التي بدورها اتخذت من الشبكات
الاجتماعية و خصوصا الفيسبوك منطلقا لنزولها للشارع, بعدما نجحت الحركات الشبابية في الحشد
الجماهيري بين صفوفها في كل من تونس و مصر و تنزيل هاته الحشود إلى الساحات و
الميادين