4/17/2012

يوم بدون نظر



ظلام دامس يسود الغرفة فنافذه الغرفة آبت أن تفتح الليلة ، إني اليوم وحيد سأحاول النوم ، تمددت فوق سريري  الذي لم تكن يوما علاقتي به جيدة بالقدر الكافي ليس لأنه سيئ ، بل لأني كنت من عاشقي السهر ،  صراحة كان سهري في البدء إضطراريا إستمريت على هذا الحال نيفا من الزمن ، قررت بعدها التأقلم مع هذا الوضع ، عشقت بعدها السهر سكون الليل بنجومه و قمره الذي نتسدل أنواره كأنها شلال متدفق بالآمال تضيئ عتمة ليلي الحزين.
لكن هذه الليلة ليست كغيرها فلا قمر فيها و لا نجوم ، إنتابني هوس حرمني النوم فحينا أغمض عيناي و حينا آخر أفتحهما لا شيئ يتغير ما هذا يا إلهي كأني أصبت بالعمى ، النوم يغالبين أغفو و أنهض بحتث عن هاتفي أشعلته أدركت أني ما زلت أبصر مقلتاي مازالت تعملان فنمت بعد جهد جهيد.
إستيقظت ما زال الظلام سائدا من حولي لكني أحس أني نمت ما يكفيني  ، سأعاود النوم فربما هي تلك الأحاسيس المختلجة داخلي التي إنتابتني هي التي تسبب لي في هذا ، إستلقيت من جديد لكن شيئا ما حيرني ، تغاضيت عنه و قلت إنها هلاوس ما قبل النوم إجتاحتني .
عاودت الإستيقاظ من جديد كنت قد نمت جيدا أحسست بها في كل جسدي لكن الظلام مازال دامسا ، فزعت فلا يمكن أن يكون لم ينجلي بعد مددت يدي بحثا عن هاتفي حاولت إشعاله إني لا أرى شيئا نهضت من فراشي قلت حتما إنها بطارية الهاتف قذ فرغت ، مستحيل أن يكون ما في بالي قد حصل ، وضعت يدي على الحائط تحسست طريقي بحثا عن زر إشعال النور مشيت بتريث لتواني حتى وجدته ، دقات قلبي تتسارع ترددت قبل أن أضعط عليه ، لا بد أن أفعل أشعلت النور لا يمكن لا يمكن ما هذا الكابوس المزعج الذي أعيشه في هذه الأثناء ، جريت هذه المرة لم ءتمالك نفسي كنت أتمنى أن يكون هناك مشكل في شبكة توزيع الكهرباء فتحت باب الغرفة تعثرت فسقطت لم أبالي بالصدمة المؤلمة زحفت نحو الباب الذي سيمكنني حتما من الإطلال على العالم الخارجي.
هذه المرة لا مجال للتشكيك ، زحفت و زحفت كنت أحس بأن قلبي سيخرج من صدري بسبب خفقانه المتسارع ، موجة من الصقيع إجتاحت أطرافي جميعها يا إلهي ها هو ذا باب المنزل سأفتحه سأفتحه ...
ضجيج في كل مكان هذا صوت إبن الجيران كعادته يتصارع مع أقرانه صوت آخر لم يكن سوى صوت بائع السمك مناديا سردين طازج ، صباح الخير يونس إنها جارتنا السعدية .
صباح الخير إنه الصباح حقا فجأة ساد سكون رهيب كأن أذناي سدت تمالكت نفسي هذه المرة جلست القرفصاء فركت عيني جيدا أعدت فتحهما...
لقد أصبحت أعمى أجل هذه الحقيقة ؛ ماذا عساي أن أفعل ، دخلت إلى منزلنا متحسسا طريقي نحو بهو المنزل أشعلت التلفاز بعد جهد جهيد بحثا عن زر التشغيل و بدون تفكير عادت إلى ذهني صورة المكان مددت يدي مباشرة إلى حيث يوجد جهاز التحكم عن بعد حيث إعتاد والدي وضعه بعد أن يكون آخر من شاهد التلفاز.
عدت خطوات إلى الوراء بحذر جلست على الأريكة تحسست بأصابعي الجهاز  ضغطت على الأرقام المرادفة لرقم القناة التي إعتدت مشاهدتها  في طفولتي " سبايس تون".
حينها بدأت أدرك ماذا حصل لي ، الهلاوس التي جائتني أصبحت حقيقية ، لمذا وكيف حصل هذا هل هي حالة عابرة هل هو مرض أم أنني سأمضي ما تبقى لي من عمر إن قدر لي أن أعيشه كفيفا...
قطعت أفكاري موسيقى أعرفها جيدا إنه طوم و جيري و هذه الحلقة أحفظها ، حلقة أعياد الميلاد المليئة بالحلوى و السكاكر طوم و جيري يأكلان و يلعبان يتصارعان في جو جميل ، موسيقى الأجراس المميزة بدأت الصور تترآى  أمامي إحساس جميل إني أرى في السواد أجل أرى في عز العتمة ، إنها مخيلتي بدأت في العمل رصيدي من الذكريات و الصور بدأ في الغليان.
وقفت من مكاني أطفأت التلفاز أرجعت جهاز التحكم إلى مكانه ، إنه صوت أمي تنهرني أن أضع حذائي في مكانه المخصص و كانت حينها توبخني و تعيده إلى مكانه كلما تغاضيت ، توجهت مباشرة وأنا متأكد أني سأجده في مكانه لبست حذائي رفعت يدي اليسرى بعد أن تقابلت مع الباب وجدت المفاتيح معلقة في مكانها ، خرجت و أقفلت الباب وضعت المفاتيح في جيبي .
تذكرات حين كنت أهوى المشي على حافة الرصيف أعد خطواتي في رشاقة و خفة متناهيتين كنت أنفس فيها نفسي أن أظل محافظا على توازني كانت تلك متعتي  ، الآن سألعب من جديد إبتسمت ، خطوتان الى الأمام أتقدم بعدها نصف خطوة أخرى أرفع قدمي هكذا أكيد أني سأضعها على حافة الرصيف. 
واحد إثنان ثلاثة إنطلق خطواتان إلى الأمام إنعطاف إلى اليمين  أربع خطوات إلى الأمام ، لأتوقف لحظة و أتذكر علي عبور الشارع إنه ممر دوما خالي من الحركة لا صوت محركات دانية ثلاث قفزات طفولية و أكون في الجهة الأخرى ، إستمريت على هذا المسير أمشي في عتمتي أضع قدماي في صور خزنتها في ذاكرتي ، إني الآن في الشارع الكبير عندما كنت صغيرا كنت أحسن تمييز صوت محركات السيارات في مدينتي الصغيرة سيارات اللاند روفير التي لا يمكن أن تخطئ أذناي التعرف عليهما ولو من على بعد أمتار طويلة ، قررت أن أركب أول سيارة أجرة وقتف في مكاني سمعت صوتا مميزا إهتزاز متكرر إنها سيارة رونو 18 المقاومة للظروف المناخية الصحراوية و التي إتخذها أرباب المأذونيات عربتهم المفضلة رفعت يدي يقينا أنها سيارة أجرة صوت إنعراج مفاجئ نحوي أكد لي أنها الهدف المنشود ، صوت موسيقى حسانية منبعثة من أماي مددت يدي و فتحت الباب بسلالسة جلست بالقرب من السائق رفعت رأسي إلى الأعلى و قلت له خذني إلى المحكمة يا سيدي ، أجابني في الحال يا سيدي .
لما وصلت نزلت إنه مكاني المفضل شاطئ المحكمة حيث إعتدت الجلوس وحيدا بعيدا عن الناس مذ أن عشق قلبي هذا المكان ، مكان مميز بالفعل كنت أنا ملكه صخور منحوتة  ومتراصة في تناسق عجيب كنت أعرفها صخرة صخرة صوت إنكسار الموج عندها فريد من نوعه تلتقطه أذناي من هنا رائحة البحر تسكن أنفاسي ، تقدمت حتى لامست حائط الكورنيش الذي كنت أحفظه شبرا شبرا تذكرت كيف أنني من كثرة ترددي على المكان كنت ألجه كأنني لاعب سرك محترف ، تحديت ظروفي قفزت على السور بدأت الصور تترآى أمامي تتشكل كأنها قطع بازل أحركها في خيالي الآن أنا جالس في مكاني .
إنها مملكتي حتى و إن كنت أنا مكلها و مملوكها أرخيت أرجلي لتداعبهما المياه ، في الحقيقة لقد عشت هذه اللحظة صباحا و مساء ا في مخيلتي مررت علي كلها كلها متوالية كأنني أراها من جديد و كأن النوو عاد إلى بصري نسيت ما حل بي ، قررت أن أعيش يومي و أتناسى.
رائحة البحر تنعش رئتي ...
حان وقت الرحيل كنت مصرا على إكمال يومي و كأن شيئا لم يكن ، لكن هذه المرة الأمر مختلف تمام علي التوجه إلى حديقة المدينة ، أقدم حديقة في مدينتي المسماة بالساحة.
ما حثني على هذا التحدي هو أني كنت أقصدها ليلا و الحال اليوم أن، نهاري إستحال ليلا ، إشتقت إلى حفيق الأشجار و زقزقة العصافير و عبق الرهور ما أحلى الطبيعة ، شحذت همتي وقفت قليلا مفكرا كيف أتغلب على ضعفي وعلتي حتى أصل إلى مرادي ، فالطريق وسط المدينة مزدحم ماعساي أن أفعل.
شردت قليلا في سواد مخيلتي الملتهب أبحث عن شيئ بداخلي يعينني على تحقيق هدفي ، فجأة أنيرت الصورة في مقلتاي تذكرت ءياما كنت أسير على الرمال وسط الماء فرحا بخليجنا الذهبي أعرف أن الطريق أمامي مستقية فلا أفتح عيناي حتى أصل؛ فربما الحالتان متشابهتان فواحدة إختيارية و الأخرى قسرية ؛ إلى الدرج وسط المياه أصعده فأجد نفسي بمحاذاة المستشفى العسكري فلا تتبقى أمامي سوى بضع خطوات على حديقة الساحة ، مشيت و مشيت و إنكسار الموج ينتهي على ساقاي يواسيني نسائم البحر تحييني وصلت صعدت الدرج حتى آخره ، إنعطفت يمينا مشيت بخطى متثاقلة أحوال إلتقاط حفيف الشجر ها هوذا يقترب إنى الآن وسط حدقية الساحة أمضيت طفولتي بين أحضانها ، وأنا تضيق بي الدنيا أعودها ليلا وأجلس وحيدا بعيدا أعيد التفكير فيما يجول برأسي أحيانا أصيغ فيها قصصا و أشعارا...
أحسست بالتعب ، قل الضجيج الأكيد أن الليل أرخى سدوله  سأعود أدراجي من حيث أتتيت إرهاق ذهني شديد بذلت مجهودا لأصل إلى قارعة الطريق رفعت يدي إلى السماء حتى إلى السماء حتى تتوقف لي أول سيارة أجرة تعثرت حين ولوجها طلبت من السائق أن يوصلني إلى منزلنا دردشنا قليلا حول أحوال المدينة ، وصلت إلى باب منزلنا ، تبادر إلى ذهني كأني عشت أطول ليلة في حياتي  تمنيت أن تكون حلما و أستيقظ منه ، أيقنت أني لا أحلم عدت و دخلت إلى بهو المنزل سقطت في مكاني أخيرا إنهارت دمعة من عيني حزنا ليس على بصري الذي إنطفأ ، لكن على أميرة في أحلامي كنت أحيى على لقياها يوما فهي سكنت منامي و أحلامي أما الآن فلن أراها لن أحذق في عينيها ...
لن أعرف حتى إن  كانت تشبه الصورة التي رسمتها لها ، بقيت أفكر أفكر و أفكر و الدموع لم تتوقف أحسست بيد ناعمة على وجهي تمررها على جبيني و تغلق عيناي  حتى نمت في مكاني ، إستيقظت شيئ ما قد تغير فتحت عيناي نور يتسلل عبر الدموع التي ملأت جفوني إني أرى من جديد أجل إني أرى فرحت كثيرا قفزت من مكاني أغني طربا فتحت باب منزلنا هذه المرة  أشعة الشمس  تجتاحني من جديد...
الحمد لله ، وشكرا لك يا أميرتي سأكمل البحث عنك لقد إقترب موعد اللقاء .
هذه القصة ربما فيها من الخيال ما يساوي الحقيقة ......
حدثت يوما هناك.

هناك 10 تعليقات:

  1. تجربة صعبة غن كانت حقيقية

    مررت من هنا


    سلام

    ردحذف
  2. تجربة صعبة إن كانت حقيقية

    مررت من هنا

    ردحذف
    الردود
    1. عشتها اليوم من جديد حين إظطررت الصعود في الدرج إلي الطابق 4 بدون إضاءة بعد أن كنت أستعين بهاتفي الذي فقدته

      حذف
  3. ستجعلني أعيش تجربتك هذه بانطباع ذهني كلما فقدت النور..
    يعجبني الانسياب في كلماتك، أنا أقلّب صفحات مدونتك الآن بنهم وسعدت للتعرف بمدونتك
    دام إبداعك
    :)

    ردحذف
    الردود
    1. بارك الله فيك سعدت بلقائك اخ باسم

      حذف
  4. اسلوب ساحر جعلني اغمض عيناي و اندمج في احداث القصة.. لديك اسلوب تصويري رائع لدرجة انني سمعت صوت انكسار الامواج و حفيف الاشجار في الحديقة و تتبعت خطواتك بكثيرمن الخوف من ان تضل طريقك الى البيت..

    ردحذف
    الردود
    1. كان هدا الغرض إيصال احاسيس عيشت بالسمع والخيال صراحة احسست انا بطلنا اجهد شكرا على مرورك غزلان

      حذف
  5. كعادتك, تشدني لأكمل رغم انشغالي إلى أذنيّ -ربما بالغت في العبير قليلاً :d- التدرج الذي كتبت به, ادخلني داخل عقل الشخص في القصة. رأيت معه الباب الذي قابله ثم مد يده ليأخذ مفاتيحه, وشعوره بالخوف قبل أن يفتح النور...وقلت "أح!" لمّا قرأت "فسقطت لم أبالي بالصدمة المؤلمة زحفت نحو الباب"أحسبني خفت معه, لكن..إن كانت هذه القصة حصلت لك ولم تحصل فتساؤلي هو هل أنت فعلاً شخصٌ منظم لهذه الدرجة في الحياة الحقيقة؟ والعمى الذي دخلتَ فيه حسي أم معنويّ؟
    خرجتَ منه لأجل شخصٍ ما كما فهمت...كلنا دخلنا لحظات عمى ثم خرجنا لأننا أردنا رؤية أحدهم أو لأنهم أخرجونا...شكراً لك أخي يونُس, أسجل إعجابي بما كتبتَ كعادتي.

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لك اختي شفاء كعادتي اقرأ تعليقاتك بتمعن و أكثر من مرة فهي تسعدني و تضيف إلي المزيد ، اما بخصوص التنظيم فأنا فقط أركز عادة على التفاصيل و العمى اشده هو العمى الحسي

      حذف
  6. إضافة:
    الصورة التي اخترتها للتدوينة معبرة..وجهٌ كأنما اقتلعت منه العينان كما اقتلع النور من عينيكَ قسراً. wow

    ردحذف

Comments System

Disqus Shortname