10/06/2022

جحا و حماره في البنك

 



ذات يوم بينما كان جحا جالسا في المقهى المعلوم في إنتظار الزبائن الذين يلتقطون الصور معه و مع حماره المثقف ، قدم عليه أحد الزبائن و جلس بقربه و بعد أن حياه قال له : 

ـ كيف حالك يا سيد جحا ، لقد سمعت أنك تبحث عن عمل بعدما سئمت الجلوس هاهنا .

أجابه جحا :

ـ صحيح أي و الله إنني أحس أنني مثل البهلوان في السيرك ، بعدما كنت تاجرا ذا باع و سطوة في بغداد .

أجابه السيد : 

ـ لدي لك عمل إذا قبلته و فيه راتب محترم كل شهر .

أجابه جحا  :

ـ يدي على كتفك ، ما هو العمل إذن أخبرني عنه .

أجابه الرجل :

ـ ستصبح رجل أمن في وكالة بنكية قريبة من السوق هنا ، لكن لدي شرط وحيد .

أجابه جحا :

ـ رغم أنني لم أفهم ، لكن ما هو شرطك ؟

أجابه الرجل : 

ـ في وقت دوامك تترك لي حمارك و أرده لك حين تنتهي من العمل .

قاطعهما حمار جحا قائلا :

ـ لا يا جحا أرجوك لا تفعل لا تتخلى عني ، لا تتركني لهذا الغريب مقابل حفنة من الدراهم .

رد عليه جحا :

ـ أسكت يا كبير الأذنين دعنا نعمل و أنت قد صرت كسولا و مدمنا على آلتك العفريتية تلك التي يتحرك الناس بداخلها و يتكلمون مثل العفاريت .

إلتفت جحا صوب الرجل سائلا إياه :

ـ ماذا ستفعل بحماري إنه لا يصلح سوى لحمل الأثقال و أخذ الصور .

رد عليه الغريب : 

ـ سأواصل نفس ما كنت تفعل ، سآخذه في جولة لإلتقاط الصور مع السياح الأجانب .

رد عليه جحا :

ـ فليكن إذن ، لكنك لم تشرح لي طبيعة العمل ، فإني لم أفهم شيئا ، ما هو رجل الأمن هذا و ماذا يفعل في البنك ، و ما هو البنك أصلا ، هل تقصد به دار الصرافة كما سمعت .

رد عليه الرجل :

ـ تماما يا سيد جحا إنها دار صرافة يأتي إليها الزبائن لقضاء أغراضهم اليومية ، و ستتولى أنت حماية المبنى من الغرباء و مثيري الشغب .

رد عليه جحا :

ـ أتقصد أنني سأصبح شرطيا أو من العسس 

رد عليه الغريب :

ـ تماما يا سيد جحا  

فأجابه جحا :

ـ فليكن إذن خد حماري هاهو لك و هيا بنا للعمل في دار الصرافة .

إنطلق التلاثة يعدون الخطى ، فلما وصلوا ، دخل الغريب رفقة جحا إلى الوكالة البنكية و توجها صوبا إلى مديرها ، حيث قدم له الغريب جحا و عرفه عليه و كيف أنه هو الذي سيصبح حارس الأمن في الوكالة .

سلم مدير البنك على جحا و قال :

ـ مرحبا بك يا سيد جحا تفضل ملابسك الجديدة لزوم العمل و يمكنك و ضع ملابسك في مكان آمن ريثما ينتهي الدوام ، أظن أن صديقنا قد شرح لك ماذا يجب عليك أن تفعل .

رد عليه جحا :

ـ أكيد طبعا و أنا مستعد للعمل بجد و تفاني.

إرتدى جحا بذلته الجديدة ، و وقف أمام باب الوكالة تارة ينظم حركة زوارها و تارة يساعد موظفيها ، مرت بضع ساعات حتى حصل أمر غريب ، مجموعة من الأشخاص الملثمين يقتحمون الوكالة و يضعون أقنعة على وجوههم ، حاول جحا مقاومتهم لكن الكثرة تغلب الشجاعة ، بدأ جحا في الصراخ :

ـ من أنتم و ماذا تريدون ، فلم يمهلوه حتى قيدوهو طرحوه أرضا ، ثم تقدموا نحو الموظفين فطلبوا منهم أن يعطوهم الأموال الموجودة لديهم ، و بينما هم كذلك صار جحا يهمهم بصوت خافت و يقول :

ـ الله يخرب بيتك أيها الغريب، كنت مرتاح البال في المقهى مع حماري حتى وجدت نفسي مكبلا من طرف اللصوص ، أين أنت يا حماري اللعين حتى تنجدني من هاته الورطة .

و في الجانب الآخر ، كان الغريب رفقة حمار جحا ، يأخذ له الصور  رفقة السياح بعدما زركشه ببعض الهلاهل ، لم يصبر حمار جحا كثيرا ، حتى قرر الهرب فهو جوعان و صاحبه الجديد ليس مثل جحا الذي كان يعطف عليه من حين لآخر ببعض الحنطة ، إستغل حمار جحا إنشغال سيده الجديد مع بعض الأجانب فإنطلق هاربا باحثا عن صاحبه جحا ، فصار مهرولا حتى وصل إلى المحل الذي كان قد ترك فيه جحا ليعمل ، لكنه حين وصل تعجب فهو لم يجد جحا واقفا حيث تركه ، فإقترب من الباب فإذا به يلمح جحا مطروحا أرضا و قد قيدت حركته ، فإقتحم حمار جحا الوكالة لينقذ سيده توجه صوبه فأشار عليه جحا بإتجاه الغرباء الذين كانوا يحملون أشياء ا في أيديهم لكن حمار جحا كان سريعا و قويا ، فقام بركلهم جميعا و أسقطهم أرضا .

توجه حمار جحا نحو سيده ففك وثاقه ففرح جحا و قال :

ـ الله عليك يا كبير الأذنين جئت في الوقت المناسب .

رد عليه حمار جحا :

ـ و أخيرا حصلت على بعض المديح منك يا أبا الجحاجيح ، قل لي من يكون هؤلاء الملثمون هل هم لصوص ؟

أجابه جحا :

 ـ إنهم كذلك على ما يبدو

و بينما جحا و حماره يتبادلان أطراف الحديث ، إتصل مدير الوكالة بالشرطة التي حضرت في الحين ، و ألقت القبض على اللصوص ، توجه مدير الوكالة صوب جحا و شكره على ما فعله هو  حماره و طلب منه أن يبقى معهم في العمل و سيزيده في الراتب.

فقاطعهما حمار جحا قائلا :

ـ حضرة المدير لقد نسيتني ، أنا الذي أنقذتكم من اللصوص أريد نصيبي أيضا .

ضحك مدير الوكالة و أعطى جحا بعض الدراهم و طلب منه أن يشتري لحماره بعض الأكل .

لكن جحا قاطعه قائلا :

ـ أعذرني يا سيدي فهذا العمل قدمه قدم شؤم علي ، دعني أعود إلى السوق فهو أرحم ، أعيش هناك أنا و حماري في سلام .

تفهم مدير البنك الأمر فشكر جحا الذي أطرق عائدا هو و حمارة و لسان حاله يقول :

ـ تبا لهؤلاء الفرنجة كم يعبدون المال و الدنانير  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Comments System

Disqus Shortname