9/30/2022

جحا في المخبزة


 في أحد الأيام المعتادة و ككل صباح ، خرج جحا و حماره متوجهان إلى السوق ليبحثا عن قوت يومهما ، و في طريقهما مرا بالقرب من مخبزة ، فدخل جحا ليشتري لنفسه كسرة خبز ليسد بها رمقه فهو لم يفطر جيدا ، فلما هم بالدخول وجد ورقة مكتوب عليها " مطلوب عمال للمخبزة" و في الإعلان رقم هاتفي للإتصال به في حال الرغبة في الحصول على الوظيفة ،عاد جحا إلى حماره و قال له : 
ـ يا كبير الأذنين قم بالإتصال بهذا الرقم لعلنا نحصل على عمل بدل الجلوس في مقهى السوق مثل البضاعة .
رد عليه حماره :
ـ حاضر يا جحا لكن لدي شرط يا جحا يا سيدي و مولاي.
رد عليه جحا بنبرة حادة : 
ـ آتشترط علي يا كبير الأذنين عليك لعنة أجدادي ، تفضل قل ما عندك
 فرد عليه حماره و قا ل :
ـ شرطي سهل و بسيط ففي مقابل أن أمنحك مكالمة من الآيباد الخاص بي ، إشتر لي حلوى من المخبزة لقد تعبت من أكل الحنطة و بقايا الشعير ، أريد بعضا من الدلع .
أجابه جحا :
ـ تبا لك يا حمار يا مبتز، لك ما أردت ، إفعل إذن ما طلبته منك .
إتصل جحا بصاحب الرقم المعلوم و أخبره أنه يرغب في العمل في مخبزته ، فطلب منه صاحب المحل ، أن ينتظره هناك حتى يأتي ليجري له مقابلة العمل و يعرف قدراته ، و يحدد معه في حال تم قبوله أي مهمة سيمنحه إياها .
أخذ جحا ينتظر صاحب المحل بعدما إشترى لحماره الحلوى، فرح حمار جحا بغنيمته و أخذ يدعي مع جحا قائلا :
ـ ربنا يفتح عليك يا ابا الجحاجيح و تصبح صاحب مخبزة يوما ما حتى تدلعني آخر دلع ، فحلويات الفرنجة لذيذة و متنوعة يا سلام .
بعد مدة من الزمن وصل صاحب المخبزة فوجد جحا في إنتظاره ، فدهش من زيه فهو يضع عمامة على رأسه و يلبس جلبابا تقليديا ، فإتقدت في ذهنه فكرة عرضها عليه في الحين قائلا :
ـ ما رأيك يا سيد أن تصبح بائعا في المخبزة ، قل لي أولا ما إسمك نسيت أن أسألك عنه .
رد عليه جحا :
ـ إسمي جحا المغربي ، و بالنسبة للبيع فأنا تاجر قديم في سوق بغداد في زمن بعيد لا تأبه لهاته التفاصيل ، متى سأبدأ العمل يا سيدي ؟
رد عليه صاحب المحل :
ـ إبدأ من الآن إذا شئت .
قاطعه جحا قائلا : 
ـ أليس هناك عمل لحماري هذا إنه بارع في أمور العفاريت أو ما يسميه هو الإنتر و نت .
رد عليه صاحب المخبزة  :
ـ هناك عمل له سأكلفه بنقل الدقيق و مشتقاته من المطاحن إلى المخبزة و سأعطيك أجرة إضافية على هذا ، ما قولك ؟
رد عليه جحا :
ـ فليك إذن ، إتفقنا، سنبدأ العمل من الآن أنا و حماري هذا ، هل لديك بذلة للعمل لي مثل التي يلبسها أولئك الذين بالداخل .
رد عليه صاحب المحل :
ـ لا لا يا جحا إعمل بلباسك هذا فهو لباس جميل و سيضيف لمسة للمحل .
لم يفهم جحا شيئا ، لكنه خشي أن يلحقه أصحاب إلتقاط الصور إلى هنا مرة أخرى ، لكنه لم يكن يملك خيارا آخرا سوى القبول .
دخل جحا إلى المحل ليزاول عمله فبدأ الزبناء يتقاطرون على المحل ، و جحا يمدهم بالخبز و الحلويات ، تارة يكون الزبناء بشوشين و تارة عابسين و على جحا أن يبتسم في وجههم مضطرا كما أوصاه صاحب المحل .
مرت بضع ساعات بدأ جحا يشعر بالتعب من الوقوف فجلس قليلا ليلتقط أنفاسه ، و بينما هو كذلك حتى قطع راحته ضجيج قادم من الخارج ، فإذا بهم رجال الشرطة يقتحمون المخبزة و هم يجرون حمار جحا الذي أخذ يصيح :
ـ ها هو صاحبي إنه جحا أنا بريئ.
لم يفهم جحا شيئا ثم أجابه :
ـ عليك اللعنة يا كبير الأذنين ماذا فعلت ؟
لم يمهله رجال الشرطة ليكمل كلامه حتى قاموا بإعتقاله و وضعوا الأصفاد في يديه ثم إقتادوه لسيارة الشرطة  رفقة حماره .
و بينما هما في طريقهما إلى المخفر سأل جحا حماره :
ـ ماذا يحدث و لماذا نحن هنا ؟
ـ أجابه حماره :
ـ يا جحا أنا مثلك لم أفهم شيئا فبينما في طريق عودتي إلى مخزن المخبزة محملا بالقمح و الدقيق ، حتى باغثني رجال العسس و قالوا لي ، لحساب من تعمل فأجبتهم أنك سيدي و مولاي .
إستشاط جحا غضبا و قال :
ـ عليك لعنة أجدادي فطريقك سوداء و كعبك محني .
فلما وصلا إلى مخفر الشرطة ، دخل جحا إلى مكتب الضابط المناوب ، الذي بدأ في إستجوابه  و وجه له تهمة الإتجار في الدقيق المدعم الموجه إلى الطبقات الفقيرة ، فلما إنتهى من توجيه الإتهام قال له :
ـ هل لديك أقوال أخرى ؟
ـ أجابه جحا :
ـ يا حضرة الضابط أنا أولا مجرد عامل في المحل و لست صاحبه ، فما علاقتي بكل هذا ؟
قاطعه الضابط قائلا : 
ـ لكن الحمار قال أنك صاحبه .
أجابه جحا :
ـ إنه حمار معتوه ، دعني أحكي لك القصة منذ الصباح .
أخذ جحا يسرد على الضابط ما حصل معه و أعطاه رقم صاحب المحل .
فقرر الضابط إعادة التحقيق في الأمر ، فشيء ما بداخله قال له أن جحا صادق .
و ما هي إلا ساعات حتى عاد الضابط المكلف و أطلق سراح جحا و حماره بعدما أوقعوا بصاحب المخبزة الذي إتضح أنه ضالع في أعمال الغش في تجارته .
إنطلق جحا عائدا إلى منزله هو  و حماره ، فصار يرغد و يزبد و يضرب حماره و هو يقول : 
ـ منذ رأيتك و أنا في الحضيض .
ضحك حمار جحا و قال :
ـ يا أبا الجحاجيح ألست أنت صاحب فكرة العمل في المخبزة ، ما ذنبي أنا ، قل لي ماذا سنتعشى الليلة ؟
أجابه جحا :
ـ كل الحنطة و إخرس يا كبير الأذنين يا بو كعب محني ، لقد نجونا بأعجوبة من الكاراكون هاته الليلة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Comments System

Disqus Shortname