اشرقت
الشمس بعد ليلة طويلة مرت على السيد ضرغام حارس الغابة الرسمي ليلة لم تكن عادية
بالنسبة له فهو يحرس هذه الغابة مذ تلاثين سنة، جلس بعد يوم عمل ممل و طويل ليعد
براد الشاي ليقاوم به برد الطبيعة الذي لازمه و سبب له آلام الظهر، لكن حبه لعمله
كان يواسي ترهل جسمه و القهقرى بعد ان اعد العدة امامه اشعل المجمر الذي صنعه من
حجر الغابة، جلس فوق كرسي مهترئ كرسي مخزني في ذمته من عدة العمل، بدأ الماء يغلي
و كعادته فالسيد ضرغام يستعمل كفه لمعيرة براده من حبوب الشاي الشعرة فهو المفضل
لديه،
وضع حبوب الشاي ليطبخها في الماء الساخن فانبرى بعدها جانبا ثم دس يده في
جيبه، فاخرج راديو ترانزيستور كان قد اشتراه قبل عشرين سنة و لازال يعتني به فهو
فعال على الموجة القصيرة بدأ يغير الذبذبة بحثا عن ما يطرب اذنه موسيقى تضاهي نغمة
كأس الشاي الذي يعد امامه، اذناه منشغلتان بسماع صوت الشاي ايضا بدأ الليل يرخي
سدوله، تناول ضرغام كاس الشاي ثم اشعل سيجارته المعتادة جلس يدخن منصتا لمذياعه
فجأة سمع صوتا غريبا يناديه: سيد ضرغام سيد ضرغام تسمر ضرغام مكانه و بدأ يتساءل
يا ترى من ذا الذي يناديني باسمي في هذا الزمكان فهنا لست سوى انا و الوحيش من
الداعي يا ترى لم يكد يلتف لمصدر الصوت حتى سمع المنادي ينادي سيد ضرغام هل
تناولني سيجارة لو سمحت، كانت المفاجأة كبيرة حين رأى ضرغام مخاطبه نطق قائلا بسم
الله الرحمن الرحيم من انت انصرف انصرف، كان الذي يطلب السيجارة حيوان لا هو بارنب
و لا هو بثعلب، له من الارنب الرأس و ذيله ثعلب اجابه قائلا لا تخف يا سيد ضرغام،
فانا عفروتو ابن ملك الجان سلسبيل الهبيل جئتك طالبا راغبا فقط في سيجارة لن اؤذيك
يا طيب لم يصدق ضرغام اذناه و ما رأت عيناه لكن هول الصدمة بدأ يخفت حين اقترب منه
عفروتو و جلس بجواره، ثم قال مخاطبا ضرغام: كمينا معاك الله يعفو فامده ضرغام
بالسيجارة فورا و ركبتاه ترتعدان خوفا، فأجابه عفروتو: يتوب عليك يا باشا شي دكة
الله يستر عليك كان ما كان، لم ينبس ضرغام بكلمة و هو يشاهد هذا المخلوق الغريب
يجلس بجواره ينفث دخان السيجارة و يرتشف كأس الشاي استجمع ضرغام شجاعته و سأله ما
قصتك يا هذا، اجابه عفروتو انا ابن ملك الجان طردني والدي لانني ارتكبت الخطيئة و
وقعت في حب انسية صرفت عليها كل مصروف جيبي في كل مرة ابعث لها بتعبئة الهاتف و
اشتري لها ملابس التخفيضات حتى اكتشف امري و طردني ملك الجان و من يومها ادمنت
التدخين يا ضرغام و اصبحت على هذا الحال، استغرب ضرغام لما سمع من جليسه الجني
الصغير العاشق الفاشل ثم قال له: حتى انت يا عفريت، فأجابه عفروتو اجل يا ضرغام،
فلما انتهيا من تدخين سيجارتهما قام عفروتو بوضع عقب السيجارة في رماد المجمر ثم
التفت نحو ضرغام و قال له: بما انك اكرمت وفادتي و كنت معي كريما ساهديك هدية
ثمينة يا سيد ضرغام اجابه ضرغام لا عليك يا عفريت فلم افعل معك شيئا ليست سوى
سيجارة يعني، على اي شكرا على الهدية مسبقا يا عفريت نظر عفروتو الى ضرغام و قدم
له انبوبا و قال له هذه سيجارة الكترونية يا ضرغام استعملها في خلوتك بدل تدخين
السجائر الرديئة ثم صرخ عفروتو في وجه
ضرغام قائلا : الغابة نعمة بحالها بحال الدار حرام ضيع بسبب النار اختفى عفروتو ثم
بعدها اطلق ضرغام ساقيه للريح و صدى صوت يتردد في اذنه : الغابة نعمة بحالها بحال
الدار حرام ضيع بسبب النار.. انتهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق