ككل صباح يستيقظ جحا و حماره ، و لسان حالهما يقول عشاؤنا عليك يا رب ، و بعد أن تناولا إفطارهما المتواضع بنهم إستعدادا ليوم شقاء جديد في السوق ، و بينما هما كذلك صاح حمار جحا قائلا :
* يا أبا الجحاجيح لقد تعبت من حمل الأثقال ، و ظهري تقوس و إحدودب ، جد لنا عملا جديدا سهلا و فلوسه حلوة ، فهل سنبقى حمالان حتى نموت.
إستشاط جحا غضبا و قال له :
* عليك اللعنة هل تظن نفسك حصان سباق ، أنت حمار و ستظل حمارا ، على أساس العمل المريح موجود و أنا أقول له لا ، إفتيني أنت يا نبيه .
ضحك حمار جحا و قال :
* الله عليك حين تؤمن بقدراتي كأي حمارمثقف يشاهد روتيني اليومي و قناة الدحيح الثقافية .
ضحك جحا و قال :
* يا كبير الأذنين أسكت و إلا ربطتك يا صاحب القنوات الثقافية و التكنولوجيا العفريتية .
أجابه الحمار :
* لقد إنتهى إلى علمي مما رأيت و سمعت و شاهدت ، أن هناك تجارة كلها أرباح و فلوسها حلوة .
أجابه جحا :
* أدخل في الموضوع عليك لعنة أجدادي .
أجابه حماره :
* هل هناك لعنة أكثر من التي نعيش فيها ، بدأت أشك صراحة أنك ملعون يا أبا الجحاجيح ، ما علينا إن هؤلاء الفرنجة مدمنون على تدخين أصابع مملوءة بالحشائش يسمونها السجائر أو أصابع التبغ ، يشترونها تارة على شكل علب و تارة بالتقسيط ، ما رأيك أن نصبح تجار سجائر بالتقسيط ، فهي تجارة لا تحتاج لرأس مال كبير ، يكفينا بضع دنانير ، ثم نسطو بعدها على مكان جيد فيه حركة و رواج و سترى عجبا .
رد عليه جحا :
* رغم أنني لم أفهم كثيرا ، لكن يبدوا أنك واثق مما تقول يا كبير الأذنين ، لكن هي حلال ؟
رد عليه حماره :
* و الله يا ابا الجحاجيح الحرام هو أننا تارة نبيت جوعى و تارة نبيت شبه شبعى ، فلنجرب و نرى ، و لا تنسى أن فلوسها حلوة .
بعدما إقتنع جحا بكلام حماره إنطلقا سويا إلى السوق ، فإشتريا بضع علب من السجائر و جلس في مدخل أحد الأحياء فصار جحا يصيح :
* سجاير سيجاريت ، سجاير سيجاريت .
و ما هي إلا لحظات حتى بدأ يبيع سلعته للقاصي و الداني خصوصا أنه جلس بالقرب من المقهى الذي كان يؤنس فيه الزبائن.
فرح جحا و إلتفت صوب حماره و قال :
*فعلا صدقت يا حمار فلوسها حلوة .
مرت الساعات تباعا و تجارة جحا و حماره لا تتوقف حتى حدث أمر غريب غير مجرى كل شيء ، وجد جحا و حماره نفسيهما أمام عسس السوق رفقة شهبندر التجار الذي صاح فيه قائلا:
* ويحك يا جحا آ تبيع السجائر دون إذني ، خسئت .
أجابه جحا :
* ويحك يا شهبندر ، أنا جحا تقول لي خسئت ، أجل أبيع السجائر ما المشكل .
أجابه الشهبندر :
* كل تجار السجائر بالتقسيط هنا يعملون لصالحى و لا مكان لك هنا إلا بإذني .
ثم أمر العسس بمصادرة السجائر ، و هدد جحا بإتهامه ببيغ السجائر المهربة إن هو قاوم.
لم يستطع جحا فعل شيء أمامهم ، فهم سلطة السوق .
فلم إنتهت الحملة عاد جحا رفقة حمار و في طريقهما قال :
* الله عليك يا حمار فلوسها حلوة فعلا قال ، حتى ما كنا ندخره ذهب مع الريح بخخخ.
ضحك حمار جحا و قال :
* يا أبا الجحاجيح، التجارة شطارة المهم هو المحاولة .
أجابه جحا :
* المهم هو المحاولة ، إذن حاول تتعشى هذه الليلة لتكسب شرف المحاولة يا كبير الأذنين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق