ذات يوم بينما كان جحا و حماره يجلسان في السوق ينتظران رزقهما ، كان جحا يرتشف كوب القهوة الصباحي
المجاني الذي يحصل عليه من صاحب المقهى في مقابل أن يلاطف الزبناء هو و حماره ، صار جحا يفكر في طريقة ما لكسب المال بدل هاته الحالة التي يعيشها رفقة حماره ، و بينما هو كذلك سأل حماره قائلا :
* قل لي يا كبير الأذنين هل لديك أفكار لنحصل على المال الوفير الذي يغنينا عن شهبندر التجار المتسلط هذا ؟
أجابه حماره :
* يا أبا الجحاجيح كيف لي و أنا حمار كبير الرأس و الأذنين أن أفتيك في هذا الأمر ، و أنت جحا المغربي الذي هزم جحا البغدادي في الحيلة و الدهاء.
سكت جحا لبرهة و أجابه :
* تالله لإنك كبير الأذنين فعلا ، و سأعاقبك و سأحرمك الليلة من ورد الحنطة في العشاء .
بدأ حمار جحا يصرخ و يقول :
* لا يا جحا إلا الحنطة إلا الحنطة أرجوك ، إعطيني فرصة بشيء ما إنتهى إلى علمي ذات قليل .
أجابه جحا :
* تكلم عليك لعنة أجدادي ، جحا الأكبر و أسلافه .
ضحك حمار جحا و قال :
* مذ عرفتك و أنت تهددني بلعنة أجدادك و لم أر شيئا ، علي أي سمعت أن هناك إنتخابات لمجلس إدارة السوق أنصحك بالترشح لها ، و إذا نجحت فسيصبح لك راتب سمين و إمتيازات ، و ستصبح مهيبا في السوق و سنتوقف عن حمل الأثقال فظهري يؤلمني يا أبا الجحاجيح .
أجابه جحا :
* و ما هي هاته الإنتخابات يا كبير الأذنين ، و كيف عرفت بهذا الأمر أيها الملعون.
ضحك حمار جحا و قال :
* هل نسيت أنني كبير الأذنين ، لقد سمعت رهطا من أصحاب السوق يتحدثون عن هذا ، أما عن الإنتخابات فهي مثل الشورى يختار التجار من يمثلهم في المجلس ، و أنت تاجر بالفطنة و الفطرة يا أبا الجحاجيح .
سكت جحا و قال :
* فعلا صدقت أنا تاجر هههه ، أحيانا أحترمك لأفكارك الحمارية هاته ، هيا بنا لنترشح إذن.
إنطلق جحا و حماره يسألان عن أمر الإنتخابات ، فأشار عليهم أحد التجار بمكان المكتب ، فإمتطى جحا حماره و لكزه قائلا :
* إنطلق بأقصى سرعة عليك اللعنة .
فأجابة حماره :
* هل تظنني دابة عفريتية !!
فلما وصلا إلى المكتب دلف جحا إليه و قدم نفسه إلى المسؤول قائلا :
* السلام عليكم معكم جحا المغربي سليل آل الجحاجيح في العالم و بقية العالم .
رد عليه المسؤول
* ماذا تريد يا جحا ؟
أجابه جحا :
* أريد الترشح لمجلس إدارة السوق .
أجابه الموظف :
* عليك بدفع خمسين درهما ضمانة و نسخة من تعريفك .
إحمر وجه جحا :
* خمسون درهما إنها عولة أسبوع من الحنطة لحماري اللعين، لكن لا ضير .
إنتهى جحا من الإجراء ات الإدارية ، و لما هم بالخروج قال له الموظف لديك يوم واحد للقيام بالحملة الإنتخابية .
وقف جحا في مكانه و سأله :
* و ما هي هاته الحملة الإنتخابية حضرتك؟
أجابه الموظف :
* إنها الدعاية لك و لبرنامجك الإنتخابي .
إلتفت جحا نحو حماره و قال :
*هل فهمت شيئا يا كبير الأذنين ؟
أجابه حماره :
* أكيد طبعا هيا بنا نقوم بالدعاية .
فلما خرجا إلى السوق بدأ حمار جحا يصيح قائلا :
* بتحبو مين ، و حبيبكم مين ، جحا .
أمام هذا المنظر إلتف لفيف من تجار السوق و مرتاديه حول جحا و حماره و بدأوا أيضا يهتفون و يهللون لجحا ، الذي من فرط نشوته بدأ يصرخ و يقول :
* شكرا يا مواطنين شكرا على ثقتكم ، سوف أدلعكم و سوف أجعل أيامكم حلوة و سوف ترون معي ما لم تروه يوما .
و بينما هو في غمرة الإنتشاء، إنفض الجميع من حوله تباعا فلم يفهم شيئا و ما الذي حصل ، فسأل حماره قائلا :
* مادا وقع يا كبير الأذنين ؟
أجابه حماره :
*يبدو أن أحد منافسيك يوزع الشعير و الحنطة و الدنانير مجانا ، عن إدنك يا جحا سأذهب لآخذ نصيبي .
إستشاط جحا غضبا و قال :
* تبا لهاته الحملة الدعائية و هاته الإنتخابات ، سأذهب أيضا لآخذ نصيبي من الأعطيات فهي ليست بصاعدة ليست بصاعدة .
إتجه جحا صوب تجمهر الناس و بدأ يتدافع معهم لينال نصيبه.
و في يوم الإقتراع جلس جحا و حماره ينتظر النتائج فلما وصل موعدها ، حاز جحا على صفر من الأصوات ، ضحك حماره و قال :
* ألم تصوت على نفسك حتى و ذلك أضعف الإيمان .
أجابه جحا :
* إذا رأيت قوما يعبدون الكابرانات فعليك بالحشيش.
إنصرف جحا و حماره و لسان حاله يقول على الأقل حصدنا ما يسد رمقنا لأيام ، و دون أن ينسى لكز حماره قائلا :
* عليك اللعنة يا كبير الأذنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق