9/14/2022

جحا و حماره و الإنتخابات


 


ذات يوم بينما كان جحا و حماره يجلسان في السوق ينتظران رزقهما ، كان جحا يرتشف كوب القهوة الصباحي 

المجاني الذي يحصل عليه من صاحب المقهى في مقابل أن يلاطف الزبناء هو و حماره ، صار جحا يفكر في طريقة ما لكسب المال بدل هاته الحالة التي يعيشها رفقة حماره ، و بينما هو كذلك سأل حماره قائلا :

* قل لي يا كبير الأذنين هل لديك أفكار لنحصل على المال الوفير الذي يغنينا عن شهبندر التجار المتسلط هذا ؟

أجابه حماره :

* يا أبا الجحاجيح كيف لي و أنا حمار كبير الرأس و الأذنين أن أفتيك في هذا الأمر ، و أنت جحا المغربي الذي هزم جحا البغدادي في الحيلة و الدهاء.

سكت جحا لبرهة و أجابه :

* تالله لإنك كبير الأذنين فعلا ، و سأعاقبك و سأحرمك الليلة من ورد الحنطة في العشاء .

بدأ حمار جحا يصرخ و يقول : 

* لا يا جحا إلا الحنطة إلا الحنطة أرجوك ، إعطيني فرصة بشيء ما إنتهى إلى علمي ذات قليل .

أجابه جحا :

* تكلم عليك لعنة أجدادي ، جحا الأكبر و أسلافه .

ضحك حمار جحا و قال :

* مذ عرفتك و أنت تهددني بلعنة أجدادك و لم أر شيئا ، علي أي سمعت أن هناك إنتخابات لمجلس إدارة السوق أنصحك بالترشح لها ، و إذا نجحت فسيصبح لك راتب سمين و إمتيازات ، و ستصبح مهيبا في السوق و سنتوقف عن حمل الأثقال فظهري يؤلمني يا أبا الجحاجيح .

أجابه جحا :

* و ما هي هاته الإنتخابات يا كبير الأذنين ، و كيف عرفت بهذا الأمر أيها الملعون.

ضحك حمار جحا و قال :

* هل نسيت أنني كبير الأذنين ، لقد سمعت رهطا من أصحاب السوق يتحدثون عن هذا ، أما عن الإنتخابات فهي مثل الشورى يختار التجار من يمثلهم في المجلس ، و أنت تاجر بالفطنة و الفطرة يا أبا الجحاجيح .

سكت جحا و قال :

* فعلا صدقت أنا تاجر هههه ، أحيانا أحترمك لأفكارك الحمارية هاته ، هيا بنا لنترشح إذن.

إنطلق جحا و حماره يسألان عن أمر الإنتخابات ، فأشار عليهم أحد التجار بمكان المكتب ، فإمتطى جحا حماره و لكزه قائلا :

* إنطلق بأقصى سرعة عليك اللعنة .

فأجابة حماره :

* هل تظنني دابة عفريتية !!

فلما وصلا إلى المكتب دلف جحا إليه و قدم نفسه إلى المسؤول قائلا :

* السلام عليكم معكم جحا المغربي  سليل آل الجحاجيح في العالم و بقية العالم .

رد عليه المسؤول 

* ماذا تريد يا جحا ؟

أجابه جحا :

* أريد الترشح لمجلس إدارة السوق .

أجابه الموظف :

* عليك بدفع خمسين درهما ضمانة و نسخة من تعريفك .

إحمر وجه جحا :

* خمسون درهما إنها عولة أسبوع من الحنطة لحماري اللعين، لكن لا ضير .

إنتهى جحا من الإجراء ات الإدارية ، و لما هم بالخروج قال له الموظف لديك يوم واحد للقيام بالحملة الإنتخابية .

وقف جحا في مكانه و سأله :

* و ما هي هاته الحملة الإنتخابية حضرتك؟

أجابه الموظف :

* إنها الدعاية لك و لبرنامجك الإنتخابي .

إلتفت جحا نحو حماره و قال :

*هل فهمت شيئا يا كبير الأذنين ؟

أجابه حماره :

* أكيد طبعا هيا بنا نقوم بالدعاية .

فلما خرجا إلى السوق بدأ حمار جحا يصيح قائلا :

* بتحبو مين ، و حبيبكم مين ، جحا .

أمام هذا المنظر إلتف لفيف من تجار السوق و مرتاديه حول جحا و حماره و بدأوا أيضا يهتفون و يهللون لجحا ، الذي من فرط نشوته بدأ يصرخ و يقول :

* شكرا يا مواطنين شكرا على ثقتكم ، سوف أدلعكم و سوف أجعل أيامكم حلوة و سوف ترون معي ما لم تروه يوما .

و بينما هو في غمرة الإنتشاء، إنفض الجميع من حوله تباعا فلم يفهم شيئا و ما الذي حصل ، فسأل حماره قائلا :

* مادا وقع يا كبير الأذنين ؟

أجابه حماره :

*يبدو أن أحد منافسيك يوزع الشعير و الحنطة و الدنانير مجانا ، عن إدنك يا جحا سأذهب لآخذ نصيبي .

إستشاط جحا غضبا و قال :

* تبا لهاته الحملة الدعائية و هاته الإنتخابات ، سأذهب أيضا لآخذ نصيبي من الأعطيات فهي ليست بصاعدة ليست بصاعدة .

إتجه جحا صوب تجمهر الناس و بدأ يتدافع معهم لينال نصيبه.

و في يوم الإقتراع جلس جحا و حماره ينتظر النتائج فلما وصل موعدها ، حاز جحا على صفر من الأصوات ، ضحك حماره و قال :

* ألم تصوت على نفسك حتى و ذلك أضعف الإيمان .

أجابه جحا :

* إذا رأيت قوما يعبدون الكابرانات فعليك بالحشيش.

إنصرف جحا و حماره و لسان حاله يقول على الأقل حصدنا ما يسد رمقنا لأيام ، و دون أن ينسى لكز حماره قائلا :

* عليك اللعنة يا كبير الأذنين. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Comments System

Disqus Shortname