9/23/2022

جحا و حماره و النقابات

 


 كان جحا يجلس في مقهى السوق كعادته رابطا حماره في إنتظار بعض السياح أو المواطنين ليأخذوا معه بعض

الصور مقابل دراهم معدودات و أيضا مقابل مشروب مجاني من صاحب المقهى ؛ فأخذ يضرب أخماسا في أسداس و يتذكر أيامه في بغداد و كيف كانت له هيبة رغم وجود جحا البغدادي ، وكيف أن الزمان صار غير الزمان و كأنه سافر عبره ، و في خضم هيامه بين ذكرياته ، قطع سفره هذا صوت قادم من قريب يقول :

ـ هل أنت جحا يا جحا ؟

أجابه جحا بعدما تجهمت قسماته :

ـ أنا حماره على ما يبدو ، ما خطبك يا هذا ؟

أجابه الغريب قائلا :

ـ أعرفك بنفسي أولا أنا أدعى عبد الرحمن من قيادات المعارضة النقابية هنا في السوق .

سكت جحا برهة و قال :

ـ تشرفت بمعرفتك يا سيد لكن لم أفهم شيئا مما تقول .

أجابه عبد الرحمن :

ـ لا تقلق ستفهم كل شيء في الوقت المناسب ، هل تريد الإنضمام إلى نقابتنا العتيدة ، فما سمعناه عنك في

الإنتخابات الماضية يدل على أن لك شعبية و نحن بحاجة إلى أمثالك للدفاع عن الطبقات المسحوقة .

أمسك جحا بعمامته بعد أن لم يفهم شيئا مما سمع ثم نادى على حماره الذي كان يسترق السمع قائلا :

ـ تعالى إقترب هاهنا يا كبير الأذنين .

إقترب حمار جحا و قال له :

ـ تفضل يا سيدي و تاج راسي يا أبا الجحاجيح ، و أرجوك لا تسلط علي لعنة أجدادك ككل مرة لأنها غالبا تصيبنا نحن الإثنين .

أجابه جحا :

ـ هل فهمت شيئا يا كبير الأذنين ، مما قال هذا الغريب ، إذا فهمت فإشرح لي .

سكت حمار جحا برهة و قال له :

ـ إنها فرصتك لتنتقم من الإنتخابات التي فشلت فيها و تصبح لك سلطة على شهبندر التجار  و فرصة أيضا لتدافع عن التجار ، في الواقع إنها ظاهرة صحية و فرصة لتكتسب مهارات جديدة يا أبا الجحاجيح ، بدل إلتقاط الصور مع الفرنجة .

أجابه جحا :

ـ كيف عرفت كل هذا يا كبير الأذنين يا حمار عصره و آوانه ، و أنت حمار أخرق .

ضحك حمار جحا و قال :

ـ  إنها الإنترنت و الآيباد العفريتي يا جحا .

أجابه جحا :

ـ خسئت و بئست أنت و عفاريتك و العلمانية كلها .

إلتفت جحا صوب السيد عبد الرحمن و قال له :

ـ ما دام حماري يقول إن الأمر فيه خير ، فأنا معكم قلبا و قالبا ، لكن لدي سؤال .

أجابه عبد الرحمن :

ـ تفضل يا سيد جحا .

رد عليه جحا قائلا :

ـ هل تقدمون طعاما مجانيا في هذا العمال النقابي ؟

ضحك عبد الرحمن و قال :

ـ ستأكل أنت و حمارك حتى يظهر والداك يا جحا .

إنطلق جحا وحماره و السيد عبد الرحمن و في طريقهما أخذ يشرح لهما أهمية العمل النقابي في خلق التوازن في الحياة العامة ، بشعار لا ضرر و لا ضرار ، و كيف أن النقابة بصفة عامة ليس بالضرورة أن تكون ضد النظام بل الأولى لها أن تكون صوت الجماهير  ، و تكون المخاطب بإسمها ، و العمل النقابي هو إختيار و ليس إجبار ، و كل يؤجر على نيته. 

و بينما السيد عبد الرحمن منهمك في الشرح كان جحا يقاطعه قائلا :

ـ ما نوع الأطعمة التي تقدمونها ، هل لديكم شعير و حنطة ، لحماري هذا كبير الأذنين ، إنه لا يشبع تبا له و عليه لعنة أجدادي .

كان عبد الرحمن يضحك كلما سمع هاته الأسئلة  ، و يطمئن جحا بأنه في المغرب لا أحد يبيت بدون عشاء .

فلما وصلا و دخلا إلى مقر النقابة و جد جحا جماهيرا جمة في إنتظاره ، فلما لمحوه بدأؤوا في الصياح :

ـ بتحبو مين جحا ، و حبيبكم مين جحا !!

قفز جحا من مكانه و إمتطى ظهر حماره قائلا :

ـ أهرب يا كبير الأذنين ، إنها نفس تعويذة الإنتخابات ، أهرب عليك اللعنة .

هرب الإثنان و حمار جحا يقول :

ـ ضاعت الحنطة يا ويلتي هههه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Comments System

Disqus Shortname