12/11/2019

عبيقة


في احد احياء المدينة العتيقة يوجد منزل عبقادر الصغير عبارة عن غرفة صغيرة يكتريها منذ وطأت قدماه هاته المدينة التي لا يعرف بها احدا ، عبقادر الذي هجر يوما قريته بحثا عن لقمة العيش فوجد نفسه هاهنا بعد طول تجوال ، امتهن عبقادر مهنا عديدة ليعيل نفسه و يكفيها شر السؤال من بائع متجول الى نادل في مقهى الحي الشعبي كان عبقادر عبقادر محبا لعمله بشوشا مما جعل مكانته جيدة عند معلم الحاج العنتبلي صاحب المقهى كان يكرم اجارته حتى زبناء المقهى كانوا يغدقون عليه من البقشيش ما يكفيه حاجيات يومه و يزيد ، عرف عن عبقادر خفة حركته و هو يفرق الطلبيات كانت تلك طريقته في تسلية نفسه اثناء العمل يترنح مثل الزئبق بين الطاولات و هو يدندن بعض الاغاني اشهرها اتيكا اتيكاوا اتيكا اتيكاوا و في يوم من الأيام استيقظ عبقادر باكرا على غير عادته ، عبقادر هكذا كان يناديه رواد المقهى و تارة ينادونه عبيقة لم يكن عبقادر يبدي اي انزعاج من دعابات الزبائن فطبيعة عمله تحتم عليه مسايرتهم ، في ذلك الصباح خرج عبقادر يمشي الهوينى صوب المقهى و في طريقه وضع سماعاته في اذنه ليسمع قليلا من الموسيقى فهو من معجبي الفنان حفيظ الفطواكي نجم الغناء الشبابيى و هو في طريقه سار يدندن :
والكاويني فين غادي بيا والمسهرني الله يحن علي يا ما سولتي فيا وا شوفو حبيبي شوفو مالو راه معاذيني ما عرفت مالو
و بينما كان منتشيا في طريقه لمحت عيناه طائر حمام ملقى على الارض فتقدم نحوه ليرى ما به فلما امسكه وجده جريحا قرر عبقادر بما ان الوقت لا زال امامه ان يعود لمنزله الصغير ليداوي الطائر الجريح ، عاد عبقادر ادراجه يحث الخطى حتى دخل فقام بمداواة الحمام الجريح ضمد جراحه و تركه فوق الفراش ثم انصرف الى عمله فالمقهى في انتظاره ليفتحه ككل يوم ابتدأ عبقادر برص الكراسي و تنظيف المكان حتى جاء المعلم العنتبلي فسلم عليه و خاطبه قائلا: ولاه عبدو الشيشة يالاه المعلم العنتبلي كان ذي أصول مصرية هاجر بدوره مثل عبقادر بحثا عن لقمة العيش بعدما ذاقت به الدنيا، يحكي الناس انه حفيد المعلم حلاوة العنتبلي

ملك اللحمة في زمانه بعدما بارت تجارته قرر حفيده العنتبلي الرحيل فافتتح مقهاه هذا و ذاب وسط سكان الحي حتى صار واحدا منهم انغمس عبقادر يعد الشيشة لمعلمه فلما انتهى توجه صوبه فحياه قائلا : احلى شيشة لسيد المعلمين حلاوة بيه العنتبلي ملك اللحمة فنهره و قال : ما بلاش سيرة اللحمة جاتك تيلة يا عبدو نابنا اييه من اللحمة غير الفضيحة امشي يالاه شوف طلبات الزباين اجابه عبقادر : فوريرة يا معلمي و الابتسامة لا تفارق ثغره ، بدا عبقادر يوزع الطلبات على الزبائن ذات اليمين و ذات الشمال مضى اليوم سريعا فلما اقترب موعد مغادرة عبقادر استأذن المعلم العنتبلي في ان يغادر باكرا اليوم فاذن له ثم انصرف متوجها الى السوق باحثا عن بائع لاكل الحمام ليشتري بعض اللقط و الزوان فهو لم ينسى الحمام الذي تركه في منزله فكان ما كان اشترى عبقادر ما يلزمه و عاد ادراجه الى منزله حتى وصل ففتح الباب و دخل لم يجد طائر الحمام حيث وضعه فأخذ يبحث عنه هنا و هناك فوجده تحت السرير و قد بدا السير يبدو انه قد تعافى من جرحه ، امسكه عبقادر و وضعه امامه ففرش له ما اشتراه له ليأكله بدا الحمام يأكل و عبقادر يراقبه عن قرب و في خضم ما يجري وضع عبقادر سماعات الاذن ليسمع بعض الموسيقى و كعادته بدأ يشنف اذانه بفنانه المحبوب حفيظ الفطواكي فاعاد الاستماع الى اغنية شوفو حبيبي شوفو مالو و في عز نشوته صار يدندن و يقول :
قاسيت معاك ليالي مال قلبك خالي نتيا سباب الكية عدياني بزاف على يميني و يساري يا لالة و انا عليك نخاف
لم يكد عبقادر يكمل دندنته حتى جحظت عيناه و دهش مما رأى فقفز من مكانه مرعوبا لم يصدق عبقادر ما رأى فبينما هو يدندن فجأة سطع نور في الغرفة فتحول طائر الحمام الجريح الى إنسي واقف امامه دب الخوف في قلب عبقادر مما رأى فحاول الهرب متجها صوب الباب لم يوقفه سوى صوت ناداه قائلا : عبيقة الى أين ذاهب يا رجل على رسلك تسمر عبقادر في مكانه لم يستطع الالتفاف وراءه فهو لا يصدق ما يحدث كيف ان طائر الحمام فجأة صار انسيا بدل يتلو المعوذتين في سره حتى تقابل معه الانسي الطائر فتراجع عبقادر للوراء و صاح فيه قائلا : انا بالله و الشرع معاك
انا بالله و الشرع معاك انصرف انصرف قاطعه الانسي الحمام قائلا : لا تخف يا عبقادر سأشرح لك ما بدى عنك مجهولا انا طائر مسحور و انت انقذتني من سحري

قاطعه عبقادر قائلا : كيف لم افهم فاجابه الانسي المسحور : انا اولا اسمي كنت تاجرا ذي شأن عظيم في بلدي فتواطا علي اعداء النجاح من علية القوم و كان فيه احدهم يدعى اكيوس كان يتضايق مني فسلط علي ساحرة شمطاء سحرتني فاضحيت من يومها حماما شارذا لم يصدق عبقادر ما سمع من الذي يسمي نفسه لقمان فقال له و ما شأني و شأنك حتى تصادفني و تتحول لي ابتعد عني ارجوك فانا لا قبل لي بما تقول اجابه لقمان : لك الفضل يعود في ان عدت لحالي فلقد ألقيت علي التعويذة الكاملة التي فكت سحري و هي ما دندنته من اغنية حفيظ الفطواكي لم يصدق عبقادر ما يسمع و اكثر ما اثار استغرابه هو ان الذي يقف امامه و يسمي نفسه لقمان نسخة طبق الأصل لمغنيه المحبوب الفطواكي حك عبقادر عينيه و حملق مليا في لقمان ثم قال : تالله انك حفيظ الفطواكي بسم الله الرحمن الرحيم
ضحك لقمان و اجابه : هذا موضوع نتحدث فيه لاحقا
فربت على كتف عبقادر الذي بدأت يرتخي و يفيق من هول الصدمة فإلتف نحوه عبقادر و قال : على اي ممكن طلب ايها الطائر المسحور ؟ أجابه لقمان : تفضل يا عبيقة
فخاطبه عبقادر : ممكن صورة و توقيع يا فنان فانا من اكبر معحبيك خصوصا اغنية ارواح ا صاحبي نطلعو لجبالة فصرخ فيه لقمان : حفيظ من يخرب بيتك يا عبيقة و الله لأسخطنك نسناسا او هرا مدللا لو قلت هذا الكلام مرة اخرى فطأطأ عبقادر رأسه قائلا : اسف يا فنان فطواكي اقصد لقمان واصل عبيقة كلامه قائلا: انت تريد مني ماذا يا سيد لقمان حتى تتسيف لي و انا انسان بسيط لا حول لي و لاقوة لا املك لك الا بعض اللقط و الزوان سكت لقمان قليلا فأجابه: سأشرح لك لكن بعد ان نتعشى يا عبيقة .
تسمر عبقادر مكانه و قال في قرارة نفسه ضاعت نقود اللقط هباءا منثورا ثم إلتفت و قال : ماذا تحب أن تأكل يا فنان اقصد يا لقمان عفوك يا عفريت
اجابه لقمان : ا لا أجد عندك سوشي يا عبيقة اجابه عبقادر : عفوا لم افهم ا هذه تعويذة ايضا شوشي التي قلت ؟
ضحك لقمان و قال : لا عليك هات ما عندك يا عبيقة توجه عبقادر يحب الأطباق قائلا : عندي سلطة باذنجان نسميها المتزعلكة ا تعرفها يا لقمان ، سنتعشى بها و احكي لي قصتك العجيبة جلس الاثنان لتناول العشاء فطلب لقمان من عبقادر شوكة و سكينا فهمهم عبقادر في نفسه : اقطع ذراعي اذا كان هذا جني او عفريت شوكة و سكين اللعنة فحدثه لقمان : عبيقة اني اسمعك سأسخطك قردا هات الشوكة و السكينة .
ضحك عبقادر و اجابه : عبيب ئلبي يا نجم الاغنية الشعبية و بينما يتناولان طعامهما اخبر لقمان عبقادر انه يريده ان يساعده في الانتقام من اكيوس الشرير الذي تسبب له في هذا الشر الذي يعيشه سكت عبقادر برهة و قال : كيف لي ان اساعدك يا سيد لقمان انا انسان بسيط لا قبل لي بشيئ
اجابه لقمان : غدا سأخبرك كيف و أردف : يا سلام عليك كم هي لذيذة هاته المتزعلكة ألا اجد عندك تحلية يا ريت لو كريب فروت .
حرك عبقادر رأسه في حركة تعبر عن دهشته و قال : يا سلام عليك يا فنان انت لا تتوقف عن إلقاء التعويذات كريب فروت ما هذا يا برنس ؟
ضحك لقمان قائلا : انسى يا عبيقة و اذهب لتنام توجه الاثنان ليخلذا للنوم
و في الغد لكل حادث حديث حل الصباح فلما استيقظ عبقادر ظن نفسه كان يحلم و لم يصدق حتى رأى العفريت لقمان مستلقيا و صوت شخيره يتعالى و يتعالى توجه نحوه ليوقظه من النوم فلما استيقظ لقمان غسل وجهه فجلس و خاطب عبقادر و طلب منه فطور كونتننتال فنهره عبقادر قائلا : فلتأكل الخبز و الزيت هو ما يوجد الان و توقف عن تعويذاتك العلمانية هذه ارجوك.
بدأ لقمان يحكي قصته لعبقادر مع اكيوس فطلب منه ان يساعده في تحرير اهله الذين سحروا معه و الذين يحتجزهم أكيوس في دار كبيرة خلاء يسمونه دار الحمام ثم ان يعينه للايقاع باكيوس في شر اعماله لينتقم منه و يخلص الناس من شره اجابه عبقادر : بما أنك تشبه نجمي المفضل حفيظ الفطواكي فليكن اذن سأساعدك بكل ما اوتيت من قوة يا نجم و واصل قائلا أستأذنك الآن يجب أن اذهب للعمل و ها انت جالس هنا اعتبر نفسك في بيتك يا لقمان باشا انصرف عبقادر الى عمله و هو في طريقه صار يضرب اخماسا باسداس فالذي حصل معه و لا حكايات الف ليلة و ليلة سار يفكر حتى وصل الى المقهى فوجد المعلم حلاوة العنتبلي قد سبقه كغير كعادته فلما دخل صاح فيه المعلم حلاوة : انت كنت فين ياض جاي متأخر ليه ؟
اجابه عبقادر اعذرني يا معلم فأنا لم أنم ما يكفي ليلة البارحة قاطعه المعلم حلاوة : كفاية لث و هات الشيشة يا عبدو ¡ انطلق عبقادر كالسهم يرص الحجر لمعلمه فلما وضع الشيشة امام قال له : معلمي سأحكي لك أمرا صار معي البارحة
بدأ عبقادر يسرد تفاصيل حكايته و المعلم حلاوة العنتبلي ينصت له و فجأة و قف من مكانه و أمسك بخناق عبقادر و صرخ فيه : انت بتشرب حشيش يا عبدو انت بتقول ايييه يا مجنون حمام و لقمان و فطواكي
اييه الصنف الجامد ده يا عبدو و اسمه اييه اجابه عبقادر :اني لا امزح يا معلمي نهره العنتبلي و قال : امشي شوف شغلك ادي آخرة المخدرات ثم واصل يدخن شيشته .
سمع عبقادر صوتا يناديه يبدو انه زبون قد اتى توجه نحوه عبقادر فلم يكن سوى لقمان المنادي ، طلب منه هذا الأخير ان يحضر له شاي ليبتون فامسك عبقادر شعره فطلب منه لقمان الجلوس أخبر لقمان عبقادر انهم سيتوجهون ليلا صوب ضيعة اكيوس ليحاولوا الحصول على وثائق سرية تدين اكيوس ثم بعدها يحرروا اهله من سحره اللعين اومأ عبقادر برأسه موافقا ثم قال له لقمان نلتقي بعد ساعة من الآن ، مرت الساعة بسرعة انطلق الاثنان صوب ضيعة اكيوس نهارا فهي تكون فارغة ليحاولوا التسلل اليها و الحصول على ما يريدون ، فلما وصلوا تسللوا عبر الحائط الاسمنتي فلقمان يعرف مداخل و مخارج الضيعة جيدا تسللا و توجها صوب مكتب اكيوس دون ان يلمحهم احد حتى توقفا امام خزنة كبيرة فقال لقمان لعبقادر هنا كل بلاوي أكيوس ان نجحنا في فتحها سنوجه له ضربة قاسمة ، لكن كيف السبيل الى فتحها كيف قاطعه عبقادر قائلا ما فيش ابرا كادابرا او تعويذة هكذا او هكذا يا فنان تفتح بها الخزنة او فقط انت بارع في تهديدي بسخطي الى نسناس كلما ناديتك بالفطواكي ، اجابه لقمان قائلا : اخرس يا عبيقة انها خزنة مصفحة و بينما هما يتبادلان اطراف حتى سمعا الباب ينفتح من خلفهما فلما إلتفتا وراءهما لمحا رجلين ضخمين يتوسطهما شخص بكرش عظيم تسمر لقمان مكانه و سكت لبرهة حتى كسر صمت الغرفة صوت يقول : مرحبا بك يا لوقي المدلل ظننت اننا لن نلتقي مجددا لكن للقدر احكاما اخرى التفت عبقادر صوب لقمان قائلا : من هؤلاء يبدو اننا وقعنا في ورطة كبيرة تبا لك و لحفيظ الفطواكي في يوم واحد ما الذي دفعني لمسايرتك لقد ضيعتني يا شيخ انظر الى هؤلاء الضخمين هادو العفاريت الحقيقية ليس مثلك أيها الأمرد الأشقر فصاح فيه لقمان : اهرب و انجوا بنفسك
فاجابه عبقادر : اين المفر فهرول الاثنان يحاولا التملص من مطارديهما لكن بدون فائدة امسكوا بهما و قيدوهما امام المدعو أكيوس الذي صار يقهقه منتشيا بالذي حصل توا

صرخ عبيقة بصوت عال : انا بيريييييييييييييييئ لا ذنب لي سوى أنني أحب اغاني حفيظ الفطواكي يا ريتني تركت الحمامة و لن اقترب منها لم يكد عبيقة يكمل كلامه حتى لمح وجها يعرفه جيدا انه المعلم حلاوة العنتبلي رفقة رهط من زبناء المقهى اقتحموا القاعة و أمسكوا بأكيوس و حارسيه بعد أن اوسعوهم ضربا ثم فكوا وثاق لقمان و عبقادر فضحك المعلم حلاوة العنتبلي و قهقه قائلا : انا المعلم حلاوة العنتبلي حفيد ملك اللحمة لا عاش و لا كان لي يتعدى على صبي من صبياني و انا عايش اغرورقت عينا عبقادر فرحا و قال : بحبك يا معلمي يا اجدع معلم
فاجابه العنتبلي : اخرس ياض تناول لقمان المفاتيح من أكيوس و فتح الخزنة الموصدة فوحد الوثائق التي كان يبحث عنها فشكر عبقادر و المعلم العنتبلي على جميلهما لكنه سكت ثم قال : الوثائق ها هي ذي معي لكن كيف السبيل الى اهلي المحتجزين في دار الحمام ؟ ابتسم عبقادر و قال الحل عندي يا نجم هيا بنا الى دار الحمام هيا ،انطلق الجميع مهرولين حتى دلفوا اليها فوجد سرب حمائم هناك انهم آل لقمان قفز عبقادر فوق منصة و قال للقمان هل تذكر التعويذة يا فنان وضع عبقادر السماعات في اذنه و بدأ يغني أغنيته المفضلة Lien ?
فزال السحر عن الجميع و اجتمع شمل آل لقمان من جديد louk و نال أكيوس جزاءه الذي يستحقه و صار عبقادر و المعلم حلاوة العنتبلي صاحبا أكبر سلسلة مقاهي في المدينة بمساعدة لقمان و التي سموها بمقاهي الفطواكي إنتهى ^^

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Comments System

Disqus Shortname