12/16/2019

جحا و الناقله العفريتية الكبيرة




جلس جحا يندب حظه العاثر الذي قاده إلى هاته البلاد السعيدة التي لا يعرف بها أحدا، و لا يفهم طباع أهلها خصوصا منذ عودته من بغداد، و في غمرة سرحانه سمع صوت حماره يناديه من بعيد:
ـ جحا جحا أنا جوعان، إني أتضور جوعا
سكت جحا و أجابه:
ـ إخرس يا طويل الأذنين ، فليس هناك ما نأكله و ليس معنا من نقود الفرنجة ما نشتري به طعاما.
فأجابه حماره:
ـ هيا بنا يا جحا لنبحث عن شيء نأكله بدل أن نندب حظنا بدون فائدة.
إمتطى جحا حماره و خرجا يسيران على غير هدى حتى وصلا إلى موقف بعيدا عن أشعة الشمس، فوجدا شخصا جالسا، سأله جحا:
ـ السلام عليكم يا أخ العرب، هلا دللتني على شهبندر التجار ، أين يمكن أن أجده؟
أجابه الشخص :
ـ لا أفهم ما تريد ، عن أي شهبندر تتحدث .
أجابه جحا:
ـ شهبندر التجار أمين تجار السوق عندكم 
أجابه الشخص قائلا :
ـ إذا أردت الذهاب إلى السوق عليك بالباص رقم 7 فهو يقود إلى هناك
أجابه جحا:
ـ و ماذا يكون هذا الباص يا ترى؟

أجابه الشخص:
ـ إنتظر معي حتى يأتي و نصعد سويا
مرت الدقائق ببطئ و جحا و حماره ينتظران قدوم هذا الباص،حتى سمعا صوتا مزمجرا من بعيد فإذا بالشخص الذي كان بقربهما يخبره بأن الباص قادم و يطلب منه الصعود حال توقفه.
دهش جحا حين رأى هذا المنظر المهول فقال لحماره :
ـ يا إلهي ما هذه الدابة العفريتية الكبيرة ، التي تنفث الدخان أهي إنس أم جان.
صعد الشخص إلى الباص فتبعه جحا و حماره ، فصعدا بدورهما إلى الباص الذي كان مزدحما بالناس، فلما صعدا تعالت الأصوات تستنكر صعود الحمار إلى الباص بينما جحا يحاول إيجاد مكان ليجلس به ، فلم يفلح فوقف متسمرا في مكانه.
إستمرت الدابة العفريتية الكبيرة في السير و جحا لا يفهم ما يدور حوله من هرج و مرج فصار يبحث عن حماره ، فجأة أحس بشيء ما يتحسس جلبابه فإذا بها يد تحاول نشله ، إلتفت جحا إلى وراءه فوجد الشخص الذي يحاول سرقته فبدأ بالصراخ:
ـ هناك لص في بطن الدابة، النجدة النجدة ، أين أنت يا حماري.
سمع حمار جحا صراخ سيده ، فإنطلق تجاهه فعض اللص في ساقه، هذا الأخير الذي أفلت من خناق جحا ثم هرب قافزا من الباب بعد توقف الباص لهنيهات، واصل جحا وقوفه في مكانه بالقرب من حماره حتى توقف الباص مرة أخرى، فصعد إليه شخصان ما إن رآهما الركاب حتى بدأوا يمدون لهم أوراقا كانت بحوزتهم، فلما وصلا عند جحا طلبا منه التذكرة بعدما عرفا بنفسيهما بأنهما مراقبين، لم يفهم جحا شيئا فأخبرهما قائلا:
ـ أنا أبحث عن شهبندر التجار و أحد الأشخاص دلني لأستقل بطن هاته الدابة العفريتية لأجده.
إندهش المراقبان و هما يسمعان جحا يتحدث فلم يفهما منه شيئا ، خاطبه أحدهما :
ـ إما أن ترينا تذكرتك أو تدفع الغرامة ، الإختيار لك.
أجابه جحا:
ـ ليس معي مال لأدفع لك يا بني ، فماذا أنتم فاعلان بي و بحماري .
إلتفت المراقبان فلمحا حمار جحا فطلبا من سائق الباص التوقف حالا، فتوجها صوب جحا و طلبا منه الهبوط في الحال من الباص ، ترجل الجميع من الحافلة ، طلب المراقباب من جحا دفع الغرامة، فأعاد إخبارهما بأنه لا يملك شيئا و أنه يريد الذهاب عند شهبندر التجار، لم يجود الرجلام ما يفعلان معه سوى أن رأوا سيارة للشرطة تمر بالقرب منهم فأشارا إليها بالتوقف، فلما توقفت تقدم أحد المراقبين نحو السيارة و أخبر من بداخلها بقصة هذا الشخص الغريب، فترجل رجال الشرطة من السيارة و توجها صوب جحا فسأله أحدهم :
ـ بطاقة التعريف من فضلك
أجابه جحا :
ـ عن أي بطاقة تسأل ، ألا تعرفني أنا جحا المغربي الذي هزم جحا البغدادي .
أجابه الشرطي :
ـ كن من تكون إعطيني تعريفك
أجابه جحا :
ـ ليس لدي أية بطاقة ، خوذوني إلى منزل شهبندر التجار.
قام رجال الشرطة بإقتياد جحا إلى سيارة الشرطة بينما إنطلق حماره هاربا و هو يصرخ نلتقي في المنزل يا جحا.
إنطلقت سيارة الشرطة تشق الطرقات متوجهة إلى المخفر ، فلما وصلوا إلى المخفر، قاموا بإقتياد جحا إلى مكتب الضابط الذي أمر بالتحقيق معه و أخذ بصماته ثم إخلاء سبيله بعدما تعب من التحقيق معه و في كل مرة يرد فيها جحا بأنه يبحث عن شهبندر التجار ؛ أيقن بعدها الضابط أنه أمام شخص غريب الأطوار و ليس له وقت ليضيعه معه.
قام أحد رجال الشرطة بتحرير محضر لجحا و أخذ بصماته ثم طلب منه التوقيع، فأخبره جحا أنه يبصم و لا يوقع.
أطرق جحا عائدا إلى مخدعه و هو يلعن حظه الذي قاده إلى هاته الأماكن الغريبة، فلما وصل إلى المنزل وجد حماره في إنتظاره الذي حياه قائلا :
ـ جحا يا جحا حمدا لله على سلامتك ظننتك لن تعود.
أجابه جحا :
ـ أنت تحلم يا كبير الأذنين ،لم يأخذوا مني حقا او باطلا ، سوى أنهم لطخوا أصابعي بالحبر ، لكنني أفلتت منهم بعدما أخبرتهم أنني أبحث عن الشهبندر.
أجابه الحمار:
ـ حمدا لله على سلامتك يا جحا يا ابو الجحاجيح كلهم ، لكن ماذا سنأكل اليوم .
أجابه جحا:
ـ سنأكل ما نأكل كل يوم ، سنأكل أجنابنا.

هناك تعليق واحد:

Comments System

Disqus Shortname