12/16/2016

حكاية ملك القرنبيط


 سامي شاب ثلاثيني يسكن مدينة صغيرة  , كان طويل القامة أبيض السحنة ذو شعر
 كث , لا تفارق وجهه نظارات شمسية بالليل و النهار; كان معروفا وسط سكان المدينة أنه دائم التواجد بمقهى المدينة الشهيرة يتصفح الجرائد و يحكي عن بطولاته الشهيرة , جل مرتادي المقهى سمعوا قصصه مرارا و تكرارا , التي يحكي فيها بطولاته في أسفار قد يكون خاضها ام فقط من نسج خياله.
 سامي كان عاطلا عن العمل يعيش من مدخول أرض فلاحية ورثها عن والديه , تركها ﻷحد الفلاحين يستغلها مقابل سومة محددة, مع مرور اﻷيام بدأ رواد المقهى يتحاشونه و قصصه المتكررة , ذاع صيته وسط المدينة
, فأصبح يتعرض للنقد بسبب بقائه بلا شغل و لا عمل .
 في أحد اﻷيام قرر سامي هجران مدينته الصغيرة و السفر بعيدا, لعله يجد متنفسا جديدا للحياة بعيدا عن عالمه الصغير الممل ,
 في تلك الليلة  جلس سامي يوضب حقائبه على أن يغادر في الصباح مدينته, بعد أن يقبض ثمن البيع من الفلاح , و بينما هو جالس يقلب  متاعه وقعت عيناه على علبة قديمة كان قد ورثها عن أبيه , أخدها و جلس في حديقة المنزل يقلب ثناياها, كانت ليلة مقمرة مكتملة البدر و بينما هو يفتش وقعت أصابعه على بذرة أو ما شابه ,جلس يقلبها بين أصابعه و يتساءل عن سر تواجدها; فجأة ألقى بتلك البذرة و عاد أدراجه الى منزله ليتمم ما كان قد بدأه.
  فلما انتهى عاد ليلقي نظرة على الخارج فدهش و جحظت عيناه مما رأى, وجد حديقة المنزل مليئة بالقرنبيط,  لم يفهم صديقنا سامي ماذا جرى و ما الذي حصل, فأمسك علبة أبيه يقلبها بشكل جيد فوجد ورقة مطوية بعناية , ففتحها بدأ يقرأها فوجد ما يلي :
- بني إن شاء القدر ووجدت هاته البذرة ; فاعلم أنها بذرة سحرية , إن زرعتها تطرح غلتها في الحين, لكن هناك شرطان ;
الشرط اﻷول ان تستعملها في أرض أجدادك و الشرط الثاني أن يبقى سرها طي الكتمان, فإذا ما شاع الخبر بطل العجب .
طار سامي فرحا مما علم و رأى, و أدرك أن الدنيا فتحت له ذراعيها أخيرا.
 حين حل الصباح التقى بالفلاح و أخبره أنه تراجع عن بيع اﻷرض, و كذلك سيفسخ عقدة الكراء, لم يستسغ الفلاح ما سمع لكنه أذعن امام إصرار سامي.
 بدأ سامي في زراعة القرنبيط وبدأت محاصيله في الازدياد يوما بعد يوم ,فاشتهر في مدينته الصغيرة بتجارة القرنبيط ,جنى سامي أموالا طائلة, فأصبح حينها يلقب بملك القرنبيط.
  أصبح سامي يبذر اﻷموال ذات اليمين و ذات الشمال, لم يكن يكترث فالبذرة العجيبة لا تنضب, لم يكن يفكر في أن يدخر شيئا, أما الفلاح الذي كان يكتري منه اﻷرض لم يبتلع كل هذا.
 قرر مراقبته ليعرف سر هذا اﻷمر العجيب , و في أحد اﻷيام بينما كان جالسا في المقهى التي اعتاد التواجد فيها, جلس بقربه الفلاح و بدآ يتبادلان أطراف الحديث ,و في خضم الحديث بدأ يحوم الفلاح حول سر ملك القرنبيط ; سامي الثرثار  كان نسي وصية أبيه فباح بسره  فكان ما كان.
 أدرك سامي أنه وقع في المحظور و أن سره قد ضاع بسبب الفلاح اللئيم, في حين لم يدخر فلسا مما جناه طوال المدة الفائتة, إنصرف سامي لحال سبيله يفكر فيما سيفعله بعد أن إعتاد على حياة الترف و كيف أنه سيعود الى سابق عهده كما كان.  
مضت الليلة طويلة جدا , و حين حل الصباح قدم اليه الفلاح يعرض عليه شراء ما حوزته من بذور ,حك سامي رأسه و أدرك أن الفلاح قد أعماه الطمع و هاته هي فرصته ليتدارك ما فات.
 الفلاح الطماع اشترى  من سامي ملك القرنبيط دون أن يفكر فدفع له ثمنا يسيرا ,مقابل بضع بذرات لا تسمن و لا تغني من جوع . سامي أدرك حينها أن ما يأتي بسرعة قد يذهب بسرعة, أما الفلاح الطماع فعاد يشتكي من سامي ان البذور لا تصلح لشيء.
 سامي الكسول استغل ما حصل عليه من أموال و قرر أن يعمل بجد و نشاط فتوسعت من بعد أنشطته و اشترى اراضي أخرى.
ضحك سامي و قال نسيت أن أقول لك أنها لا تصلح الا في أرضي .
 مع مرور السنين و بفضل العمل الجاد أصبح سامي بالفعل ملك القرنبيط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Comments System

Disqus Shortname